نص الشبهة:
من
الأحاديث التي استغلها بعض من لا يخاف الله للتشنيع على الشيعة ما روي عن
أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال : (يا أشباه الرجال ولا رجال ، حُلوم
الأطفال ، وعقول رَبَّات الحِجال ، لوددتُ أني لم أركم ولم أعرفكم معرفة
والله جرَّتْ نَدَماً ، وأعقبتْ سدماً . . . قاتلكم الله لقد ملأتم قلبي
قيحاً ، وشحنتم صدري غيظاً ، وجَرَّعْتُموني نُغَب التهمام أنفاساً ،
وأفسدتم عَلَيّ رأيي بالعصيان والخذلان ، حتى لقد قالت قريش : إن ابن أبي
طالب رجل شجاع ، ولكن لا علم له بالحرب ، ولكن لا رأي لمن لا يُطاع) نهج
البلاغة 70 ، 71 . وقال لهم مُوَبِّخا : مُنِيتُ بكم بثلاث ، واثنتين :
(صُمٌّ ذَوو أسماع ، وبُكْمٌ ذَوو كلام ، وعُمْي ذوو أبصار ، لا أحرارَ
صِدْق عند اللقاء ، ولا إِخوانَ ثقَةٍ عند البلاء . . قد انفرجتم عن ابن
أبي طالب انفَراجَ المرأة عن قُبُلِها) نهج البلاغة ص 142 . بزعم أن أمير
المؤمنين عليه السلام إنما قال ذلك لخصوص شيعته بالكوفة بسبب تَخَاذُلِهِم
وغَدرِهم بأمير المؤمنين عليه السلام ، وهذا كلام قليل من كثير قاله عليه
السلام في ذمهم .
الجواب:
والجواب عن ذلك أنا نقول :
إن هذه الكلمات وأمثالها إنما صدرت من أمير المؤمنين عليه السلام في مقام ذم من كان معه في الكوفة ، وهم الناس الذين كان يحارب بهم معاوية ، وهم أخلاط مختلفة من المسلمين ، وأكثرهم من سواد الناس ، لا من ذوي السابقة والمكانة في الإسلام .
ولم يكن عليه السلام يخاطب خصوص شيعته وأتباعه ، ليتوجَّه الذم إليهم كما أراد الكاتب أن يصوِّر لقارئه أن من كان مع أمير المؤمنين عليه السلام في حروبه الثلاثة إنما هم شيعته .
ولو سلَّمنا بما قاله الكاتب فإن أهل السنة حينئذ أولى بالذم من الشيعة ، وذلك لأنّا إذا فرضنا أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يخاطب خصوص شيعته في الكوفة ، وكان يذمّهم على تقاعسهم في قتال معاوية ، فلنا أن نسأل :
إذا لم يكن أهل السنة مع أمير المؤمنين عليه السلام في قتال معاوية ، فأين كانوا حينئذ ؟
فإن حالهم لا يخلو من ثلاثة أمور :
إما أن يكونوا مع أمير المؤمنين عليه السلام في الكوفة ، فيكون الذم شاملاً لهم كما شمل غيرهم .
وإما أن يكونوا مع معاوية وفئته الباغية ، وحال هؤلاء أسوأ من حال أصحابه الذين ذمَّهم .
وإما أن يكونوا قد اعتزلوا عليًّا عليه السلام ومعاوية ، وحينئذ فهم أولى بالذم ممن خاضوا معه حروبه الثلاثة وأبلوا فيها بلاءاً حسناً ، إلا أنهم بسبب كثرة الحروب وطول المدة اعتراهم الملالة والسأم والضعف الذي جعل أمير المؤمنين عليه السلام يذمّهم ويوبِّخهم .
والحاصل أن أهل السنة إن كانوا مع أمير المؤمنين عليه السلام أو مع معاوية أو كانوا معتزلين ، فالذم شامل لهم على كل حال ، وأحسن القوم حالاً هم الذين كانوا معه عليه السلام في حروبه ، وإن كانوا مقصِّرين في نصرته 1 .
إن هذه الكلمات وأمثالها إنما صدرت من أمير المؤمنين عليه السلام في مقام ذم من كان معه في الكوفة ، وهم الناس الذين كان يحارب بهم معاوية ، وهم أخلاط مختلفة من المسلمين ، وأكثرهم من سواد الناس ، لا من ذوي السابقة والمكانة في الإسلام .
ولم يكن عليه السلام يخاطب خصوص شيعته وأتباعه ، ليتوجَّه الذم إليهم كما أراد الكاتب أن يصوِّر لقارئه أن من كان مع أمير المؤمنين عليه السلام في حروبه الثلاثة إنما هم شيعته .
ولو سلَّمنا بما قاله الكاتب فإن أهل السنة حينئذ أولى بالذم من الشيعة ، وذلك لأنّا إذا فرضنا أن أمير المؤمنين عليه السلام كان يخاطب خصوص شيعته في الكوفة ، وكان يذمّهم على تقاعسهم في قتال معاوية ، فلنا أن نسأل :
إذا لم يكن أهل السنة مع أمير المؤمنين عليه السلام في قتال معاوية ، فأين كانوا حينئذ ؟
فإن حالهم لا يخلو من ثلاثة أمور :
إما أن يكونوا مع أمير المؤمنين عليه السلام في الكوفة ، فيكون الذم شاملاً لهم كما شمل غيرهم .
وإما أن يكونوا مع معاوية وفئته الباغية ، وحال هؤلاء أسوأ من حال أصحابه الذين ذمَّهم .
وإما أن يكونوا قد اعتزلوا عليًّا عليه السلام ومعاوية ، وحينئذ فهم أولى بالذم ممن خاضوا معه حروبه الثلاثة وأبلوا فيها بلاءاً حسناً ، إلا أنهم بسبب كثرة الحروب وطول المدة اعتراهم الملالة والسأم والضعف الذي جعل أمير المؤمنين عليه السلام يذمّهم ويوبِّخهم .
والحاصل أن أهل السنة إن كانوا مع أمير المؤمنين عليه السلام أو مع معاوية أو كانوا معتزلين ، فالذم شامل لهم على كل حال ، وأحسن القوم حالاً هم الذين كانوا معه عليه السلام في حروبه ، وإن كانوا مقصِّرين في نصرته 1 .
- 1. نُشرت هذه الإجابة في الموقع الرسمي لسماحة الشيخ علي آل محسن .ش
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق