الفصل الأوّل
الإثبات العقائدي لمفهوم المهدويّة عند أهل البيت (عليهم السلام)
الدليل العقائدي على هذا المفهوم يتمثل في مئات الروايات الواردة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)[1] التي تدل على تعيين المهدي وكونه من أهل البيت[2]... ومن ولد فاطمة[3].. ومن ذرية الحسين[4]... وأنه التاسع من ولد الحسين[5]... وأنّ الخلفاء اثنا عشر[6].
الدليل العقائدي على هذا المفهوم يتمثل في مئات الروايات الواردة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)[1] التي تدل على تعيين المهدي وكونه من أهل البيت[2]... ومن ولد فاطمة[3].. ومن ذرية الحسين[4]... وأنه التاسع من ولد الحسين[5]... وأنّ الخلفاء اثنا عشر[6].
فهذه خمس طوائف من الروايات تتظافر فيما بينها على تبيين مفهوم المهدوية وتشخيص الإمام المهدي، والذي ينظر فيها يلاحظ ما فيها من التدرج من العنوان الكبير الى العنوان الأصغر حتى تصل الى التحديد الشخصي.
وقد لاحظ السيد الشهيد محمد باقر الصدر(رضي الله عنه) أن هذه الروايات: «بلغت درجة كبيرة من الكثرة والانتشار على الرغم من تحفّظ الأئمة(عليهم السلام) واحتياطهم في طرح ذلك على المستوى العام، وقاية للخلف الصالح من الاغتيال أو الإجهاز السريع على حياته[7]. وليست الكثرة العددية للروايات هي الأساس الوحيد لقبولها، بل هناك ـ إضافة الى ذلك ـ مزايا وقرائن تبرهن على صحتها، فالحديث النبوي الشريف عن الأئمة أو الخلفاء أو الاُمراء بعده وأنهم اثنا عشر إماماً أو خليفةً أو أميراً ـ على اختلاف متن الحديث في طرقه المختلفة ـ قد أحصى بعض المؤلفين رواياته فبلغت أكثر من مائتين وسبعين رواية[8] مأخوذة من أشهر كتب الحديث عند الشيعة والسنّة بما في ذلك البخاري[9] ومسلم[10] والترمذي[11] وأبي داود[12] ومسند أحمد[13] ومستدرك الحاكم على الصحيحين[14]، ويلاحظ هنا أن البخاري الذي نقل هذا الحديث كان معاصراً للإمام الجواد والإمامين الهادي والعسكري، وفي ذلك مغزىً كبيراً; لأنه يبرهن على أن هذا الحديث قد سُجّل عن النبي(صلى الله عليه وآله) قبل أن يتحقق مضمونه وتكتمل فكرة الأئمة الاثني عشر فعلاً، وهذا يعني أنه لا يوجد أي مجال للشك في أن يكون نقل الحديث متأثراً بالواقع الإمامي الاثني عشري وانعكاساً له; لأن الأحاديث المزيفة التي تنسب الى النبي(صلى الله عليه وآله)هي انعكاسات أو تبريرات لواقع متأخر زمنياً لا تسبق في ظهورها وتسجيلها في كتب الحديث ذلك الواقع الذي تشكل انعكاساً له، فما دمنا قد ملكنا الدليل المادي على أن الحديث المذكور سبق التسلسل التاريخي للأئمة الاثني عشر، وضُبط في كتب الحديث قبل تكامل الواقع الإمامي الاثني عشري، أمكننا أن نتأكد من أنّ هذا الحديث ليس انعكاساً لواقع ، وإنما هو تعبير عن حقيقة ربّانية نطق بها من لا ينطق عن هوى[15]، فقال: «إنّ الخلفاء بعدي اثنا عشر»[16]. وجاء الواقع الإمامي الاثني عشري ابتداءً من الإمام علي وانتهاءً بالمهدي(عليهما السلام); ليكون التطبيق الوحيد المعقول[17] لذلك الحديث النبوي الشريف»[18].
لقد أخرج مسلم في صحيحه من طريق قتيبة بن سعيد، عن جابر ابن سمرة، قال: «دخلت مع أبي على النبي(صلى الله عليه وآله)، فسمعته يقول: «إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة».
قال: ثمّ تكلم بكلام خَفيَ علَيَّ، فقلت لأبي: ما قال؟ قال: «كلّهم من قريش»[19].
ثمّ أخرجه عن ابن أبي عمر، عنه، وعن هداب بن خالد، عنه، وعن نصر بن عليّ الجهضمي، عنه، وعن محمد بن رافع، عنه، كلّ من طريق.
وأخرجه عن أبي بكر بن أبي شيبة، عنه، من طريقين. وعن قتيبة بن سعيد، عنه، من طريقين آخرين.
فهذه تسعة طرق للحديث في صحيح مسلم فقط، ناهيك عن كثرة طرقه الاُخرى في كتب الحديث لدى السُنّة والشيعة[20].
اضطراب مدرسة الخلفاء في تفسير الحديث
والسؤال هنا، من هم هؤلاء الخلفاء؟
قبل أن نختار اجابة محدّدة على هذا السؤال لابد من طرح الاحتمالات المتصورة في معنى هذا الحديث، ومقصود النبي الأعظم(صلى الله عليه وآله) منه، وهنا احتمالان لا ثالث لهما، وهما:
1 ـ أن يكون مقصود النبي(صلى الله عليه وآله) هو بيان ما سيجري عليه الواقع السياسي للاُمة من بعده، بنحو من التنبؤ والكشف عن المستقبل، على غرار تنبؤات كثيرة صدرت منه(صلى الله عليه وآله) في شؤون مختلفة. فيكون مفاد الحديث هو الإخبار عن الواقع المستقبلي للاُمة. ولنطلق على هذا الاحتمال اسم «التفسير المستقبلي».
2 ـ أن يكون مقصوده(صلى الله عليه وآله) اصدار قرار بتعيين اثني عشر إماماً وخليفة من بعده، فيكون مفاده الإنشاء والتنصيب بلحاظ مقتضيات الشريعة، لا الاخبار بلحاظ الواقع المستقبلي. ولنطلق على هذا الاحتمال اسم «التفسير العقائدي».
ومقتضى البحث العلمي أن ننظر في هذين الاحتمالين ونختار ما تؤيده الشواهد والأدلّة والبراهين العقلية والنقلية، إلاّ أن مدرسة الخلفاء لما آمنت منذ البدء بشرعية نظام الخلافة ورفضت نظرية التعيين، وأقامت تراثها الكلامي والفقهي على هذا الأساس، وجدت نفسها أمام احتمال واحد لا مفرّ لها عنه، وهو الاحتمال الأول، واضطرت الى تأويل كل ما يعارضه، والأخذ بهذه التأويلات مهما كانت تعسفية وبعيدة عن القواعد العقلية والعرفية، باعتبارها أمراً لا بديل عندها عنه.
وكان عليها أن تنظر الى الحديث نظرة علمية متحررة من أي فكرة مُسبقة لتتأكد بنفسها من سقم التفسير المستقبلي للحديث، فإن كان النبي ينظر الى ما سيجري عليه الواقع فما الداعي الى التحديد باثني عشر خليفة مع امتداد المستقبل أكثر من هذا؟ وإن كان النبي ينظر الى الخلافة الصحيحة المطابقة للموازين الشرعية فإن مدرسة الخلفاء لم تقطع ولم تجمع على شرعية غير الخلفاء الأربعة، ومن هنا اضطربت آراؤها في تحديد اشخاص الخلفاء الاثني عشر.
فالخلفاء الاثنا عشر عند ابن كثير: الخلفاء الأربعة، وعمر بن عبدالعزيز، وبعض بني العباس، واستظهر أنّ المهديّ منهم[21].
وعند القاضي الدمشقي: الخلفاء الأربعة، ومعاوية، ويزيد بن معاوية، وعبدالملك بن مروان وأولاده الأربعة (الوليد، وسليمان، ويزيد، وهشام)، وأخيراً عمر بن عبدالعزيز[22].
وعند ولي الله المحدِّث في قرة العينين ـ كما جاء في عون المعبود: ـ الخلفاء الأربعة، ومعاوية، وعبدالملك بن مروان، وأولاده الأربعة، وعمر بن عبدالعزيز، ووليد بن يزيد بن عبدالملك، ثمّ نقل عن مالك بن أنس أنّه أدخل عبدالله بن الزبير فيهم. ولكنه رفض قول مالك، مستدلاً بما روي عن عمر وعثمان; عن النبي(صلى الله عليه وآله) ما يدل على أنّ تسلط ابن الزبير كان مصيبة من مصائب هذه الاُمة، ثم ردّ من أدخل يزيد بينهم، مصرحاً بأنّه كان سيّئ السيرة[23].
وقال ابن قيم الجوزية: «وأمّا الخلفاء: اثنا عشر، فقد قال جماعة منهم أبوحاتم وابن حبّان وغيره: انّ آخرهم عمر بن عبدالعزيز، فذكروا الخلفاء الأربعة، ثم معاوية، ثمّ يزيد ابنه، ثمّ معاوية بن يزيد، ثمّ مروان بن الحكم، ثم عبدالملك ابنه، ثمّ الوليد ابن عبدالملك. ثمّ سليمان بن عبدالملك. ثم عمر بن عبدالعزيز، وكانت وفاته على رأس المائة، وهو القرن المفضل الذي هو خير القرون، وكان الدين في هذا القرن في غاية العزّة، ثم وقع ما وقع»[24].
وقال النوربشتي: «السبيل في هذا الحديث وما يتعقبه في هذا المعنى أنه يحمل على المقسطين منهم، فإنّهم هم المستحقون لاسم الخليفة على الحقيقة، ولا يلزم أن يكونوا على الولاء، وإن قُدّر أنهم على الولاء فإنّ المراد منه المسمون بها على المجاز، كذا في المرقاة»[25].
وعند المقريزي: الخلفاء الأربعة، ثمّ الإمام الحسن(عليه السلام)قال: «وبه تمّت أيام الخلفاء الراشدين»، ولم يُدخِل أحداً من بني اُمية حيث صرّح بأنَّ الخلافة صارت بعد الإمام الحسن(عليه السلام)ملكاً عضوضاً، قال: «أيّ فيه عسف وعنف!!»، كما لم يُدخل أحداً من بني العباس، مصرّحاً أنّ في خلافتهم «افترقت كلمة الإسلام وسقط اسم العرب من الديوان، واُدخل الأتراك في الديوان، واستولت الديلم، ثمّ الأتراك، وصارت لهم دول عظيمة جداً، وانقسمت ممالك الأرض عدة أقسام، وصار بكلّ قطر قائم يأخذ الناس بالعسف، ويملكهم بالقهر»[26].
وهكذا يلاحظ بوضوح اضطراب مدرسة الخلفاء في تفسيرها لهذا الحديث، ووقوعها في مطبّات يتعذّر عليها الخروج منها ما دامت تصر على التفسير المستقبلي له.
وقد قال السيوطي في الحاوي: «لم يقع الى الآن وجود اثني عشر اجتمعت الاُمة على كلّ منهم»[27].
ولو كان التفسير المستقبلي في نفسه صحيحاً ومقبولاً لآمن به صحابة النبي(صلى الله عليه وآله) قبل غيرهم، ولظهر آثار ذلك على لسان الخلفاء أنفسهم، ولقال أولهم: أنا أول الخلفاء الاثني عشر، ولقال الثاني والثالث الى الثاني عشر مثل ذلك، ولكان مثل هذا الادّعاء افتخاراً وشاهداً يساعد على إثبات شرعية كل منهم، بينما لم يسجّل التاريخ ادعاءً لأي من الأسماء المذكورة في سلسلة الخلفاء الاثني عشر الافتراضية بمثل ذلك.
ثم إن الحديث يدل على أن فترة إمامة الأئمة الاثني عشر تستوعب التاريخ الإسلامي الى نهايته بحيث تموج الأرض بأهلها من بعدهم. فقد روى أهل السنّة عن النبي(صلى الله عليه وآله) أ نّه قال: «لا يزال هذا الدين قائماً الى اثني عشر من قريش، فإذا هلكوا ماجت الأرض بأهلها»[28]. ولم تمج الأرض بعد موت عمر بن عبدالعزيز بأهلها، بل كان انتشار علوم الدين كالفقه والحديث والتفسير في القرنين الثالث والرابع الهجريين، حتى بلغت علوم الدين قمتها في الاتساع والشمول بعد موت هؤلاء الخلفاء الاثني عشر عند أهل السنّة، والمفروض أن تموج الأرض بأهلها!
ورووا أيضاً، عن جابر بن سمرة: «لا تزال هذه الاُمة مستقيماً أمرها، ظاهرة على عدوّها، حتى يمضي منهم اثنا عشر خليفة، كلهم من قريش، ثم يكون المرج»[29].
وإذا كان المراد بالمرج هو القلق، والاضطراب، والالتباس، فيقتضي أن لا يكون شيء منه الى عهد عمر بن عبدالعزيز، ولكن التاريخ لا يعرف فتنة عظم بها القلق، واشتد بها الاضطراب، وكثر فيها التباس الحق بالباطل من فتنة معاوية وخروجه على خليفة المسلمين، وهذا يدل على أن المراد بالمرج هو أعظم من القلق والاضطراب والالتباس، ولعل المراد ترك الدين بالكلّية، وهذا ما لم يحصل إلاّ عند اقتراب الساعة، التي يسبقها ظهور الإمام المهدي(عليه السلام)، وما يعقب انتقاله الى الرفيق الأعلى من أحداث.
ثم ما معنى ادخال الملوك في عداد الخلفاء، فقد روى أهل السُنّة، عن سعد بن أبي وقاص أحد العشرة المبشرة، ومن رجال الشورى الذين عينهم عمر ، أنه دخل على معاوية وقد تخلف عن بيعته، فقال: «السلام عليك أيها الملك، فقال له: فهلا غير ذلك؟ أنتم المؤمنون وأنا أميركم. قال: نعم، إن كنّا أ مّرناك، وفي لفظ: نحن المؤمنون ولم نؤمّرك» وقد أنكرت عائشة على معاوية دعواه الخلافة، كما أنكرها ابن عباس، والإمام الحسن(عليه السلام) حتى بعد الصلح[30]، فهو من البغاة بالاتفاق; لحديث: «يا عمار تقتلك الفئة الباغية». ولست أدري كيف يصحُّ أن يكون الباغي على الخليفة الشرعي خليفة لرسول الله(صلى الله عليه وآله) على المؤمنين!!
وما معنى ادخال يزيد الفاجر، المعلن فجوره وانتهاكه لحرمات الله تعالى ـ وهذا من أعجب العجب حقاً ! إذ كيف يصحُّ للمسلم أن يجعل من يسفك دماء أهل بيت رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ويغزو جنده المدينة المنورة ويقتلوا عشرة آلاف من أهلها حتى أنه لم يبق بدرياً بعد موقعة الحرّة، ـ خليفة لرسول الله(صلى الله عليه وآله)، وكذلك الحال مع ملوك الشجرة الملعونة بنصّ القرآن الكريم، ولقد رآهم النبيّ في منامه ـ ورؤيا الأنبياء صادقة كفلق الصبح ـ بأنّهم ينزون على منبره نزو القرود، باتفاق معظم المفسرين من أهل السنّة، وذلك عند تفسيرهم الآية الستين من سورة الإسراء، بما لا حاجة الى تتبع كلماتهم.
وهكذا يظهر بوضوح ثلاث نتائج حاسمة هي:
1 ـ فشل التفسير الاخباري المستقبلي لحديث الخلافة الاثني عشرية.
2 ـ دور العامل السياسي في إلجاء مدرسة الخلفاء إلى ذلك التفسير.
3 ـ انحصار الحقيقة الشرعية بالتفسير العقائدي الإنشائي القائل بدلالة الحديث المذكور على نصب اثني عشر إماماً للمسلمين، وهو التفسير الذي قامت عليه أدلة عقلية وقرآنية ونبوية كثيرة جداً نجدها مبسوطة في التراث الإمامي القديم والحديث، في مجالات التفسير والحديث وعلم الكلام والتاريخ.
ويبدو أن التاريخ قد أبى إلاّ أن يبقى الأئمة الاثنا عشر من أهل البيت(عليهم السلام)مصداقاً وحيداً للحديث المذكور لاينازعون في ذلك حتى على مستوى الادّعاء، أولهم أمير المؤمنين(عليه السلام)وآخرهم الإمام المهدي بن الحسن العسكري(عليه السلام) وفي ذلك ما لا يحصى كثرة من الأحاديث الشريفة الدالة عليه، ونشير هنا الى أحدها، وهو ما أخرجه الجويني الشافعي في فرائد السمطين، عن ابن عباس، عن النبي(صلى الله عليه وآله)أ نّه قال: «أنا سيد النبيين، وعلي بن أبي طالب سيد الوصيين، وإنّ أوصيائي بعدي اثنا عشر أولهم عليّ بن أبي طالب، وآخرهم المهديّ»[31].
ومن هنا احتمل بعض المحققين[32] أن ما ذكرته كتب الحديث من أن جابر بن سمرة حينما خفي عليه بعض كلام النبي(صلى الله عليه وآله) فسأل أباه عما خفي عليه من كلامه(صلى الله عليه وآله) أجابه أبوه بأنه(صلى الله عليه وآله)قال: «كلهم من قريش»، احتمل أن جواب الأب فيه تحريف، ذلك أن الروايات علّلت خفاء الجواب بـ «ثم لغط القوم وتكلموا» و «ضجّ الناس» «فقال كلمة أصمّنيها الناس» «فصرخ الناس فلم أسمع ما قال» «فكبّر الناس وضجّوا» «فجعل الناس يقومون ويقعدون». فكل هذه التعليلات لا تتناسب مع العبارة التي لم يسمعها الراوي، لأن جعل الخلافة في قريش أمر يسرّهم ولا يوجب اللغط والضجيج، والمتناسب مع هذه الحالات الموصوفة في الروايات أن تكون الإمامة في جماعة خاصة دون قريش، وهذا ما ذكره القندوزي في ينابيع المودّة حيث ذكر أن العبارة التي قالها النبي(صلى الله عليه وآله) هي: «كلهم من بني هاشم»[33].
وحينما يتّضح فشل التفسير الاخباري المستقبلي لحديث الإمامة الاثني عشرية من جهة وحقانية التفسير العقائدي له من جهة ثانية، وثبوت اسم الإمام المهدي(عليه السلام) في سلسلة أئمة أهل البيت(عليهم السلام) وكونه هو الإمام الثاني عشر الذي يصلح الله به الأرض بعدما تمتلئ بالفساد من جهة ثالثة، لا يبقى بعد ذلك مجال للشك في ثبوت المفهوم العقائدي للمهدوية الذي تصرّ عليه مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) .
ذلك أن الترابط الصميمي بين مسألة الإمامة الاثني عشرية والمسألة المهدوية، من شأنه أن ينقل الى المسألة المهدوية النتائج الثلاثة الحاسمة التي ظهرت على بساط البحث. فإن فشل التفسير المستقبلي للإمامة الاثني عشرية يعني بالنتيجة فشل هذا التفسير بالنسبة الى المهدوية أيضاً، كما أن ثبوت المنشأ السياسي لهذا التفسير على صعيد الإمامة الاثني عشرية يعني بالنتيجة ثبوته بحق المهدوية أيضاً، حيث إن مدرسة الخلفاء كما جعلت حديث الخلافة الاثني عشرية اخبارياً مستقبلياً كتفريع منها على القول بصحة نظرية السقيفة والخلافة وشرعيتها، كذلك رأت ضرورة الجنوح بالمسألة المهدوية صوب الرؤية المستقبلية ، فراراً من القول بإمامة أهل البيت(عليهم السلام) وعدم شرعية نظام الخلافة، كما أن ثبوت حقّانية التفسير العقائدي لحديث الإمامة الاثني عشرية يعني بالنتيجة ثبوت حقّانية المفهوم العقائدي للمسألة المهدوية.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق