الثلاثاء، 29 سبتمبر 2015

روايات حصر الأئمة باثني عشر عند السنة و الشيعة ضعيفة السند؟



نص الشبهة: 

« ومن هنا فقد اعترض الزيدية على الإمامية وقالوا ( ان الرواية التي دلت على ان الأئمة اثنا عشر قول أحدثه الإمامية قريبا وولدوا فيه أحاديث كاذبة ( الشورى العدد العاشر ص 12 . ) . وقام أصحاب النظرية ( نظرية الاثني عشر ) باستيراد أحاديث من ( أهل السنة ) مروية عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) تشير إلى عدد الخلفاء والامراء من بعده وتذكر رقم ( اثني عشر ) وأضافوا إليها أحاديث اختلقوها بعد ذلك تشير إلى حصر الإمامة في ( اثني عشر إماماً ) فقط . . . استعار الذين قالوا بوجود المهدي محمد بن الحسن العسكري وولادته سرا في حياة أبيه بعض الأحاديث الضعيفة والمضطربة والمشوشة والغامضة من السنة والتي تذكر مجىء اثني عشر أميرا أو خليفة بعد رسول الله وهذبوها وشذبوها وطبقوها على عدد الأئمة الذين كانوا قد بلغوا مع ابن الحسن المفترض وحسب العد الإمامي : اثني عشر واحدا فقالوا بان الأئمة اثنا عشر وعرف هؤلاء ( الاثني عشر ) . ( ولكن عملية الاستدلال بتلك الأخبار على صحة النظرية ( الاثنا عشرية ) كانت تواجه ضعف سند تلك الأخبار حيث أنها ضعيفة عند السنة ولا يلتزم أحد منهم بمضمونها . كما أنها اضعف عند الشيعة ( كتابه عن المهدي ( عليه السلام ) . ) . ولا توجد بينها رواية واحدة صحيحة حسب مقاييس علم الرجال الشيعي » ( كتابه نظرية الإمامة الالهية . ) .

الجواب: 

أقول 1 : البحث السندي في روايات الاثني عشر إماما عند الفريقين يكذب دعواه تلك . وان الأحاديث الشيعية في الاثني عشر كانت معروفة لدى الثقات من الشيعة قبل ولادة المهدي ( عليه السلام ) بل منذ القرن الثاني الهجري .
الرد على الشبهة
اقول و لنا على كلامه الانف الذكر تعليقتان :
الاولى :
قوله : ( أنها ضعيفة السند عند السنة ولا يلتزم أحد بمضمونه ) .
أقول : ليت صاحب النشرة جاء بكلام واحد من علماء أهل الحديث المعتبرين عند السنة يضعِّف حديث الاثني عشر ، وأنى له بذلك وقد روى الحديث كل من البخاري ومسلم في صحيحيهما وأبو داود والترمذي في سننهما ومن قبلهم رواه احمد بن حنبل في مسنده بأسانيد صحيحة ورواه آخرون أيضاً .
روى البخاري عن جابر بن سمرة قال سمعت النبي ( صلى الله عليه وآله )يقول : « يكون بعدي اثنا عشر أميرا . . . كلهم من قريش » .
وفي رواية لمسلم « لا يزال هذا الدين عزيزا منيعا إلى اثني عشر خليفة كلهم من قريش » 2 .
وفي رواية « لا تضرهم عداوة من عاداهم » 3 .
وفي رواية « يكون لهذه الامة اثنا عشر قيِّماً لا يضرهم من خذلهم كلهم من قريش » 4 .
وفي رواية مسروق قال : « سأل رجل عبد الله بن مسعود قال له يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله كم يملك هذه الامة من خليفة فقال عبد الله سألناه فقال : اثنا عشر عدة نقباء بني إسرائيل » 5 .
وفي رواية أخرى « يكون بعدي من الخلفاء عدة أصحاب موسى » 6 .
وفي رواية أخرى « كلهم تجتمع عليه الامة » 7 .
قال ابن كثير « وقد روي مثل هذا عن عبد الله بن عمر وحذيفة وابن عباس » 8 .
أقول : وقد روى مثله الهيثمي في مجمع الزوائد عن الطبراني في الاوسط والكبير ، والبزار ، عن أبي جحيفة 9 .
ويتبين من ذلك ان حديث الاثني عشر عند السنة لا تنحصر روايته بالصحابي جابر بن سمرة بل يرويه صحابة آخرون ذكرت الكتب السنية الميسرة فعلا خمسة منهم .
لقد ظن علماء الحديث من أهل السنة ان المراد بهؤلاء الاثني عشر هم الحكام الذين جاءوا بعد الرسول واتفقوا على تسمية الاربعة الاوائل منهم وحاروا في تكملة العدد ، فمنهم من عد معاوية بن أبي سفيان ويزيد بن معاوية وعبد الملك بن مروان والوليد بن عبد الملك وسليمان بن عبد الملك ثم يزيد بن عبد الملك ثم هشام بن عبد الملك وبين سليمان ويزيد عمر بن عبد العزيز والثاني عشر هو الوليد بن يزيد بن عبد الملك ) وقد رجح هذا القول ابن حجر 10 ومنهم من قال ان هؤلاء الاثني عشر مفرقين في الامة إلى آخر الدنيا 11 .
وهذا التفسير بعيد عن الصحة تماماً وذلك لان تشبيه النبي ( صلى الله عليه وآله ) لهؤلاء الاثني عشر بأصحاب موسى ونقباء بني إسرائيل يفيد انهم من سنخهم وقد أخبرنا الله تعالى عن نقباء بني إسرائيل بقوله ﴿ وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَآئِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا ... 12 .
وقال تعالى ﴿ وَمِن قَوْمِ مُوسَى أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُونَ 13 ﴿ وَقَطَّعْنَاهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْبَاطًا أُمَمًا ... 14 .
وقد كان أول هؤلاء الاثني عشر بعد موسى هو يوشع بن نون وكان آخرهم داود ، وكان ما بينهم النبي إشموئيل وطالوت ولم يكن نبياً بل كان عالماً اصطفاه الله ونص عليه بواسطة نبيه إشموئيل ، وكانت تكملة الاثني عشر من آل هارون ولم يكونوا انبياء أيضا بل كانوا علماء اصطفاهم الله وطهرهم ونص عليهم بواسطة نبيه موسى وقد ذُكِروا في القرآن كعنوان للنقباء بعد موسى وقبل النبي إشموئيل ولم يدخل في تفاصيلهم 15 .
وهم المشار إليهم في قوله تعالى : ﴿ وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَلَا تَكُن فِي مِرْيَةٍ مِّن لِّقَائِهِ وَجَعَلْنَاهُ هُدًى لِّبَنِي إِسْرَائِيلَ * وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ 16 .
وكذلك الامر في الأئمة الاثني عشر بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) هم أئمة هدى لا يصلح الحكم إلا لهم في زمانهم ولا تتأثر منزلتهم من الله ورسوله سواء أقبل الناس عليهم أم أعرضوا عنهم .
ويؤيد ذلك قول النبي ( صلى الله عليه وآله ) عنهم انهم « لا تضرهم عداوة من عاداهم » « لا يضرهم من خذلهم » لان ولايتهم لا تستند إلى الناس بل إلى الله تعالى ، هذا بخلاف ولاية الحاكم التي تتضرر بخذلان من يخذل لان قوته وسلطته تستند إلى الناس .
ويؤيد ذلك أيضاً ما ورد عن علي ( عليه السلام ) قوله أين الذين زعموا انهم الراسخون في العلم دوننا كذبا وبغيا علينا ان رفعنا الله ووضعهم وأعطانا وحرمهم وأدخلنا وأخرجهم بنا يستعطى الهدى ويستجلى العمى ان الأئمة من قريش غرسوا في هذا البطن من هاشم لا تصلح على سواهم ولا تصلح الولاة من غيرهم 17 .
فهو ( عليه السلام ) هنا يتحدث عن أئمة هدى بعد الرسول ( صلى الله عليه وآله ) لهم منزلة الرسول في الهداية وفي اختصاص الحكم في زمانهم بهم وكونهم منحصرين في بني هاشم ، ومما لاشك فيه انه ليس كل بني هاشم لهم هذه الخصوصية بل هم علي ( عليه السلام ) والاحد عشر من ولده من فاطمة ( عليها السلام ) . ومن الواضح ان كلامه ( عليه السلام ) يشير إلى حديث النبي ( صلى الله عليه وآله ) « الأئمة من بعدي اثنا عشرفهم إذن نظراء أئمة الهدى من بني إسرائيل الذين جعلهم الله تعالى بعد موسى وجعلهم اثني عشرة أسباطا أي أحفاداً ﴿ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِن بَعْضٍ ... 18» .
وفي ضوء ذلك يحمل قوله ( صلى الله عليه وآله ) : « كلهم تجتمع عليه الامة » أي كلهم ينبغي أن تجتمع عليهم أمتي الى آخر الدنيا يأخذون بقولهم وفعلهم وتقريرهم .
الثانية :
قوله : ( انها عند الشيعة اضعف ) وقوله ( أنها مختلقة في عصر الغيبة ) .
أقول : ليس الامر كما قال . .
إذ الروايات التي أوردها الكليني والصدوق توجد فيها روايات صحيحة السند واشهرها الروايات التي تنتهي إلى سليم بن قيس وقد مضى الحديث عنها في الفصل السابع ، وقد قلنا هناك : بان الطرق إلى كتاب سليم لم تنحصر بالعبرتائي وابي سمينة .
ولا يضر رواية سليم اختلاف علماء الشيعة في وثاقة أبان بن أبي عياش الراوي عن سليم لان المطلوب في أحاديث الاثني عشر وذكر أسماء الأئمة ( عليهم السلام ) من أجل رد شبهة المستشكل هو إثبات وجودها عند الشيعة قبل الغيبة الصغرى .
وليس من شك ان طائفة من أسانيد الكليني والصدوق إلى أبان بن أبي عياش ( ت 128هـ ) صحيحة ويرويها عن أبان كل من محمد بن أبي عمير ( ت 217هـ ) وحماد بن عيسى ( ت 209هـ ) .
أما ابن ابي عمير فيرويها عن عمر بن أذينة ( ت 168هـ ) .
وأما حمّاد فيرويها عن عمر بن أذينة وإبراهيم بن عمر اليماني المعاصر لابن إذينة .
ومعنى ذلك ان أحاديث الاثني عشر التي تنتهي إلى سليم بن قيس كانت معروفة عند ثقاة الشيعة في القرن الثاني الهجري .
و يضاف إلى ذلك :
الحديث المعروف بحديث اللوح 19 الذي رواه الكليني في باب ما جاء في الاثني عشر إماماً عن محمد بن يحيى عن محمد بن الحسين عن ابن محبوب عن أبي الجارود عن أبي جعفر ( عليه السلام ) فان سند الكليني إلى الحسن بن محبوب السراد المتوفى سنة ( 224 هـ ) صحيح .
ويضاف إليه أيضا الحديث الأول والثاني عند الكليني في الباب نفسه إذ لا غبار على سندهما في مقياس علم الرجال عند الشيعة .
يضاف إلى ذلك أيضا : الرواية رقم ( 20 ) من الباب نفسه في الكافي رواها عن محمد بن يحيى واحمد بن محمد عن محمد بن الحسين عن أبي طالب عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران قال كنت أنا وأبو بصير ومحمد بن عمران مولى أبي جعفر ( عليه السلام ) في منزله بمكة فقال محمد بن عمران سمعت أبا عبد الله ( عليه السلام ) يقول « نحن اثنا عشر محدَّثاً فقال له أبو بصير سمعت من أبي عبد الله ( عليه السلام ) فحلفته مرة أو مرتين انه سمعه فقال أبو بصير لكني سمعته من أبي جعفر ( عليه السلام ) ورجال السند ثقاة ، ولا يضره واقفية عثمان بن عيسى لانه رجع وتاب عنها » .
وقد رواها الشيخ الصدوق في إكمال الدين ص335 عن محمد بن علي بن ماجيلوية ومحمد بن موسى بن المتوكل قال حدثنا محمد بن يحيى العطار عن محمد بن الحسن الصفار عن أبي طالب عبد الله ابن الصلت القمي عن عثمان بن عيسى عن سماعة بن مهران ورواها أيضا عن محمد بن الحسن بن احمد بن الوليد عن محمد بن الحسن الصفار عن أبي طالب ، وفيها لفظ ( مهديا ) بدلاً من ( محدثاً ) .
وأيضاً الرواية رقم ( 15 ) من الباب نفسه في الكافي رواها عن علي بن إبراهيم عن أبيه عن ابن أبي عمير عن سعيد بن غزوان عن أبي بصير عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال « يكون تسعة أئمة من ذرية الحسين بن علي تاسعهم قائمهم » والسند صحيح .
ويتلخص من ذلك :
ان الذي رواه الكليني والصدوق والطوسي والنعماني باسانيدهما الصحيحة إلى سماعة بن مهران وابن أبي عمير وحماد بن عيسى وعمر بن أذينة وإبراهيم بن عمر اليماني والحسن بن محبوب السراد و عبد الله بن الصلت القمي وأبي هاشم داود بن القاسم الجعفري تفيد ان أحاديث الاثني عشر إماما كانت معروفة لدى الثقاة من الشيعة قبل ولادة المهدي ( عليه السلام ) بل منذ القرن الثاني الهجري .
وهي كذلك عند السنة اذ رواها أحمد بن حنبل في مسنده وقد توفي سنة 240هـ أي قبل ولادة المهدي ( عليه السلام ) بخمسة عشر عاما .
ولسنا بحاجة لإبطال مقولة صاحب النشرة ومقولة الزيدية من قبل في كون أحاديث الاثني عشر عند الإمامية مختلقة في القرن الرابع الهجري إلى اكثر من اثبات وجودها في كتبهم أو عند وجوه رواتهم في القرن الثاني للهجرة او قبل ولادة المهدي ( عليه السلام ) 20 .
  • 1. هذا الموضوع رد على الشبهة التي أثارها أحمد الكاتب ، و هذه الشبهة هي واحدة من الشبهات المثارة من قبل أحمد الكاتب و التي تصدى لردها سماحة السيد سامي البدري في كتابه "شبهات و ردود".
  • 2. جامع الاصول لابن الاثير ج 4 / 45 ـ 46 .
  • 3. فتح الباري 16 / 338 .
  • 4. كنز العمال 13 / 27 .
  • 5. مسند احمد 1 / 398 ، 406 قال احمد شاكر في هامش الحديث الاول : ( اسناده صحيح ) ومستدرك الحاكم 4 / 501 و فتح الباري 16 / 339 مجمع الزوائد 5 / 190 ، كنز العمال 13 / 27 .
  • 6. البداية والنهاية لابن كثير 6 / 248 وكنز العمال 13 / 27 .
  • 7. سنن أبي داود ج2 / 423 .
  • 8. البداية والنهاية 6 / 248 . وحذيفة هو حذيفة بن أسيد ممن بايع تحت الشجرة سكن الكوفة وتوفي بها ، ورواية عبد الله بن عمر رواها أبو القاسم البغوي بسند حسن كما ذكر ذلك السيوطي في تاريخ الخلفاء ص 61 طبعة السعادة بمصر .
  • 9. مجمع الزوائد ج 5 ص 190 وأبو جحيفة هو وهب بن عبد الله السوائي كان من صغار الصحابة ، نزل الكوفة ، وكان علي ( عليه السلام ) قد جعله على بيت المال بالكوفة وشهد معه مشاهده كلها ( الاستيعاب ج 4 ص 1619 ) .
  • 10. فتح الباري 16 / 341 .
  • 11. انظر كتاب معالم المدرستين للعلامة العسكري ج 1 / 541 ـ 547 حيث اورد كلمات علماء السنة التي تكشف عن اضطرابهم وحيرتهم في تفسير الحديث .
  • 12. القران الكريم : سورة المائدة ( 5 ) ، الآية : 12 ، الصفحة : 109 .
  • 13. القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 159 ، الصفحة : 170 .
  • 14. القران الكريم : سورة الأعراف ( 7 ) ، الآية : 160 ، الصفحة : 171 .
  • 15. انظر الايات 246 ـ 248 من سورة البقرة .
  • 16. القران الكريم : سورة السجدة ( 32 ) ، الآية : 23 و 24 ، الصفحة : 417 .
  • 17. نهج البلاغة خ 144 .
  • 18. القران الكريم : سورة آل عمران ( 3 ) ، الآية : 34 ، الصفحة : 54 .
  • 19. ونصه : قال جابر دخلت على فاطمة ( عليها السلام ) وبين يديها لوح فيه اسماء الاوصياء من ولدها فعددت اثني عشر اخرهم القائم ثلاثة منهم محمد وثلاثة منهم علي ( ومراده بقوله ثلاثة منهم على أي ثلاثة من الاولاد ) إذن مجموع من اسمه علي من الأئمة الاثني عشر هم اربعة علي ( عليه السلام ) وثلاثة من ولده . وقد رواه الشيخ الصدوق في الخصال عن أبيه عن سعد بن عبد الله عن محمد بن الحسين بن أبي الخطاب عن الحسن بن محبوب السراد عن أبي الجارود عن أبي جعفر ( عليه السلام ) .
  • 20. شبهات وردود ـ الحلقة الاولى : الرد على الشبهات التي أثارها أحمد الكاتب حول العقيدة الإثني عشرية، الفصل الثامن .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Disqus Shortname

Comments system

Ad Inside Post