الفصل الثاني
الصفات الشخصية لأبي طالب
اسمه: عبد مناف بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف ابن قصي .
لقبه: أبو طالب، وسيد البطحاء، وشيخ قريش، ورئيس مكة وبيضة البلد، والشيخ، وشيخ الأباطح[26] .
و(أبو طالب) لقب غلب عليه حتى لم يُعرف أحد يناديه باسمه الأصلي (عبدمناف)[27].
ولادته: بعد حفر زمزم وقبل عام الفيل ومولد النبي(صلى الله عليه وآله)بخمس وثلاثين سنة.
وفاته: توفي في النصف من شهر شوال في السنة العاشرة من النبوة وعمره حين توفي بضع وثمانون سنة، قبل الهجرة بثلاث سنوات، وذلك بعد خروجه من الشِعب بثمانية أشهر وواحد وعشرين يوماً[28].
اُخوته: اُخوته من اُمه وأبيه عبدالله والد النبي والزبير، واُمهم فاطمة بنت عمرو بن العائد من بني مخزوم وهي آخر زوجات عبدالمطلب .
اسمه: عبد مناف بن عبدالمطلب بن هاشم بن عبدمناف ابن قصي .
لقبه: أبو طالب، وسيد البطحاء، وشيخ قريش، ورئيس مكة وبيضة البلد، والشيخ، وشيخ الأباطح[26] .
و(أبو طالب) لقب غلب عليه حتى لم يُعرف أحد يناديه باسمه الأصلي (عبدمناف)[27].
ولادته: بعد حفر زمزم وقبل عام الفيل ومولد النبي(صلى الله عليه وآله)بخمس وثلاثين سنة.
وفاته: توفي في النصف من شهر شوال في السنة العاشرة من النبوة وعمره حين توفي بضع وثمانون سنة، قبل الهجرة بثلاث سنوات، وذلك بعد خروجه من الشِعب بثمانية أشهر وواحد وعشرين يوماً[28].
اُخوته: اُخوته من اُمه وأبيه عبدالله والد النبي والزبير، واُمهم فاطمة بنت عمرو بن العائد من بني مخزوم وهي آخر زوجات عبدالمطلب .
سيادته على قومه: كان أبو طالب يتمتع بشخصية قوية مهابة في نفوس قومه طاهراً مستقيماً يقلدونه في أفعاله، ولا يتقدمونه بأمر إلاّ بعد أن يستشيروه ، وكانت رئاسة قريش بعد عبدالمطلب لأبي طالب، وكان أمره نافذاً[29].
وجاء في حديث عفيف الكندي: أنه لما رأى النبي(صلى الله عليه وآله)يصلّي في مبدأ الدعوة، ومعه امرأة قال: فقلت للعباس: أي شيء هذا؟ قال هذا ابن أخي يزعم أنه رسول من الله الى الناس، ولم يتبعه على قوله إلاّ هذا الغلام، وهو ابن أخي أيضاً، وهذه الإمرأة هي زوجته ، قال، فقلت : فما الذي تقولونه أنتم؟
قال: ننظر ما يفعل الشيخ، يعني أبا طالب[30].
وكانت لعبدالمطلب علاقة خاصة مع أبي طالب لما كان يعرفه من علوّ منزلته، وكان يتفرس به الخير، فهو الامتداد للسلالة الطاهرة من أجداد النبي والوارث لقيمهم ومواقعهم الاجتماعية والسياسية.
وقيل لأكثم بن صيفي ـ وكان من المعمّرين ـ : إنك لأعلم أهل زمانك، وأحكمهم وأحلمهم، فقال: ولم لا أكون كذلك؟ وقد جالست أبا طالب بن عبدالمطلب دهره، وعبدالمطلب دهره، وهاشماً دهره، وعبدمناف دهره، وقصيّاً دهره، وكل هؤلاء سادات أبناء سادات فتخلّقت بأخلاقهم وتعلّمت من حلمهم واقتبست سؤددهم ، واتبعت آثارهم[31].
وطلب عبدالمطلب من ولده أبي طالب أن يتولى كفالة النبي(صلى الله عليه وآله)، فكان عند حسن ظنّ أبيه فرعاه وعطف عليه، ولم يجعله فقط كواحد من أبنائه بل كان يقدّمه عليهم أجمعين[32].
وارتبط أبو طالب بالرسول وانشدّ إليه عاطفياً، فكان يحبّه حباً شديداً، وكان لا ينام إلاّ الى جنبه، ويخرج فيخرج معه.
وصُبَّ به أبو طالب صبابة لم يُصَبَّ مثلها بشيء قط.
وكان يخصّه بالطعام، فإذا أكل عيال أبي طالب جميعاً أو فرادى لم يشبعوا، وإذا أكل معهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) شبعوا، فكان إذا أراد أن يغذّيهم قال : كما أنتم حتى يأتي ولدي. فيأتي رسول الله(صلى الله عليه وآله)فيأكل معهم فكانوا يفضلون من طعامهم، وإن لم يكن معهم لم يشبعوا فيقول أبو طالب : إنّك لمُبارك.
وكان الصبيان من أولاد أبي طالب يصبحون رُمصاً شعثاً ويصبح رسول الله(صلى الله عليه وآله) دهيناً كحيلاً[33].
وشبّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) في كنف أبي طالب يكلؤه ويحفظه ويحوطه من اُمور الجاهلية ومعائبها لما يريد من كرامته[34].
زواج أبي طالب من فاطمة بنت أسد
أبوها أسد بن هاشم بن عبدمناف بن قصي، وهي أوّل هاشمية تتزوج من هاشمي فولدت له: طالباً وعقيلاً وجعفراً وعليّاً.
وكانت فاطمة لرسول الله (صلى الله عليه وآله) بمنزلة الاُم الحنونة، فتربّى(صلى الله عليه وآله)في حجرها وكان شاكراً لبرِّها، وكان يسمِّيها اُمي، وكانت هي تفضله على أولادها في البرّ.
سبقت الى الإسلام وهاجرت الى المدينة، ولما توفيت كفّنها رسول الله(صلى الله عليه وآله) بقميصه، وأمر أن يحفر قبرها فلما بلغوا لحدها حفره بيده واضطجع فيه وقال:
«اللهم اغفر لاُمي فاطمة بنت أسد ولقّنها حجّتها ووسّع عليها مدخلها»، فقيل: يا رسول الله! رأيناك صنعت شيئاً لم تكن تصنعه بأحد قبلها فقال: «ألبستها قميصي لتلبس من ثياب الجنة ، واضطجعت في قبرها ليوسّعه الله عليها، وتأمن من ضغطة القبر، إنها كانت من أحسن خلق الله صنعاً إليَّ بعد أبي طالب».
وروت فاطمة عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) ستة وأربعين حديثاً[35].
وقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : «هذه المرأة كانت اُمي بعد اُمي التي ولدتني، إن أبا طالب كان يصنع الصنيع وتكون له المأدبة ، وكان يجمعنا على طعامه فكانت هذه المرأة تفضل من كلّه نصيباً فأعود فيه»[36].
وقال ابن عباس: هي أوّل امرأة هاجرت من مكة الى المدينة ماشية حافية[37].
ولا يفوتنا خطبة أبي طالب التي تكلّم بها عندما أقدم على زواج فاطمة بنت أسد، الكاشفة عن قوّة شخصيته ومستوى تمسّكه بخط النبوّة، حيث نسب نفسه وسيادته لقريش الى النبي إبراهيم .
فقال: الحمد لله رب العرش العظيم، والمقام الكريم، والمشعر والحطيم، الذي اصطفانا أعلاماً وسدنةً وعرفاء، خُلّصاً، وقادةً وحجبة بهاليل[38] أطهاراً من الخنا والريب والأذى، والعيب[39].
وأقام لنا المشاعر، وفضّلنا على العشائر، نخب آل إبراهيم وصفوته وزرع إسماعيل.
ثم قال: وقد تزوجت فاطمة بنت أسد وسقت المهر ونفّذت الأمر فاسألوه وأشهدوا، فقال أبوها أسد: زوّجناك ورضينا بك، ثم نحر أبو طالب الإبل وأطعم الناس سبعة أيام، فقال اُمية بن أبي الصلت يذكر ذلك:
أغمرنا عرس أبي طالب***فكان عرساً ليّن الحالب
اقرأه البدو بأقطاره***من راجل خفّ ومن راكب
فنازلوه سبعة اُحصيت***أيّامها للرجل الحاسب[40]
أبو طالب يخلف أباه:
ورث أبو طالب كل مناصب أبيه ومكانته الاجتماعية، فقد كان قويّ الشخصيّة سامياً في أخلاقه، شجاعاً طيب النفس، فأصبح سيد بني هاشم، ولم يكن هو الابن الأكبر لعبد المطلب.
واحتل السيادة لقريش رغم فقره، لأن السيادة تحتاج الى المال الكثير وهو لا مال له، ولذا قيل: لم يكن أحد يسود قريشاً بلا مال سوى أبي طالب.
قال الإمام علي بن أبي طالب(عليه السلام) : «أبي ساد فقيراً وما ساد فقير قبله»[41].
وحين تولّيه لمكانة أبيه أوكل سقاية الحاج لأخيه العباس بن عبدالمطلب، لأن هذه المهمة تحتاج الإنفاق الكثير، والعباس لديه المال .
وكان أبو طالب واسع التفكير أصيلاً في تربيته، إنه الفرع الذي التزم بمبادئ الحنفية. فنجده أوّل من سنّ القسامة في الجاهلية في دم عمر بن علقمة ، ثم أثبتتها السنّة في الإسلام[42].
وكان أبو طالب ذا هيبة ومكانة عالية في الجاهلية، فكان يباشر جبر ما انكسر من مواشيه وأنعامه بيده فإذا جاء الوافد إليه وهبها مع رعاتها له.
وكان نديم أبي طالب في الجاهلية مسافر بن عمرو، وهو أحد أزواد الركب، وإنما سُمي بذلك لأنهم كانوا لا يدعون غريباً ولا مارّاً ولا محتاجاً يجتاز بهم إلاّ أنزلوه وتكفّلوا به حتى يظعن[43].
أبو طالب شاعراً
قيل لتأبّط شراً، الشاعر المعروف واسمه ثابت بن جابر: مَن سيد العرب؟
فقال: أخبركم سيد العرب أبو طالب.
وقيل لأكثم: ممّن تعلمت الرئاسة والحكم والسيادة؟
فقال: من حليف الحلم والأدب، سيد العجم والعرب أبي طالب[44].
__________________________________
[1] الجمعة : 2.
[2] الطرق: ماء السماء الذي تبول فيه الإبل وتبعر ، الصحاح : 4/1513 .
[3] سير يُقد من جلد غير مدبوغ ، النهاية : 4/31 .
[4] أي ابتلي، وبهم الرجال كصُرد الشجعان منهم لأنهم لشدة بأسهم لا يدرون أين يؤتون؟
[5] ذؤبان العرب: لصوصهم وصعاليكهم الذين لا مال لهم.
[6] الاحتجاج : 1/257، باب خطبة الزهراء البتول(عليها السلام) .
[7] تاريخ اليعقوبي : 1/307 أديان العرب، والسيرة النبوية لابن كثير: 1 / 62، 63، باب ذكر بني إسماعيل وهم عرب الحجاز وما كان من اُمور الجاهلية ، صيرورة الأمر الى خزاعة.
[8] تاريخ اليعقوبي : 1/288 ـ 289 باب ولد إسماعيل.
[9] تاريخ اليعقوبي : 1/288 ـ 289 باب ولد إسماعيل .
[10] المصدر السابق : 1/290.
[11] طبقات ابن سعد: 1/77 ترجمة هاشم بن مناف.
[12] تاريخ اليعقوبي : 1/293، باب ولد إسماعيل بن إبراهيم، والنزاع والتخاصم للمقريزي: 40 في أصل المفاخرة بين بني هاشم وبنــي اُمية، ترجمة هاشم .
[13] الطبقات لابن سعد : 1/76، ترجمة هاشم بن عبد مناف والسيرة الحلبية: 64 باب نسبه الشريف(صلى الله عليه وآله).
[14] النزاع والتخاصم : 41، باب في أصل المفاخرة بين بني هاشم وبني اُمية، ترجمة هاشم.
[15] النزاع والتخاصم : 42، باب في أصل المفاخرة بين بني هاشم وبني اُمية، ترجمة اُمية.
[16] المصدر السابق، والطبقات لابن سعد : 1/76 .
[17] الطبقات الكبرى لابن سعد: 1/78 والسيرة الحلبية : 1/4، ترجمة عبدالمطلب .
[18] تاريخ اليعقوبي : 1/297، باب ولد إسماعيل بن إبراهيم.
[19] السيرة النبوية لابن كثير: 1/173 ذكر تجديد حفر زمزم.
[20] تاريخ اليعقوبي : 1/303 باب ولد إسماعيل بن إبراهيم.
[21] تاريخ اليعقوبي : 1/334 باب مولد رسول الله(صلى الله عليه وآله) .
[22] المصدر السابق : 1/305 باب ولد إسماعيل بن إبراهيم.
[23] تاريخ اليعقوبي : 1/304 باب ولد إسماعيل بن إبراهيم، الملل والنحل للشهرستاني: 237، الحاوي للفتاوي / للسيوطي: 2/426.
[24] تاريخ اليعقوبي : 1/331 و 332، باب مولد رسول الله(صلى الله عليه وآله) .
[25] عمدة الطالب: 6 والمناقب لابن شهرآشوب : 1 / 36 ، ومما يثبت إيمان عبدالمطلبما جاء في تاريخ اليعقوبي: 1 / 335، باب مولد رسول الله(صلى الله عليه وآله)ط محققة/مؤسسة الأعلمي.
[26] عمدة الطالب في أنساب أبي طالب: 20 ومسند أحمد : 1/209 ومستدرك الصحيحين: 3/183.
[27] قال ابن حجر العسقلاني في الإصابة، اشتهر بكنيته واسمه عبدمناف على المشهور وقيل: عمران، الإصابة في تمييز الصحابة: 4/115، ترجمة أبو طالب رقم 685.
اسم أبي طالب هو عبد مناف على الصحيح، وقيل إنّ اسمه عمران، وهي رواية ضعيفة رواها أبو بكر محمد بن عبدالله الطرسوسي النسابة، وقيل: إسمه كنيته، ويروى ذلك عن أبي علي محمّد بن إبراهيم بن عبدالله بن جعفر الأعرج، وزعم أنّه رأى بخطّ أمير المؤمنين(عليه السلام) وكتب علي بن أبو طالب، قال ولكن حدّثني تاج الدين محمد بن أبي القاسم النسابة، وجدّي لاُمّي محمّد بن الحسين الأسدي أن الّذي كان في آخر ذلك المصحف علي بن أبي طالب، ولكن الياء مشتبهة بالواو، في الخط الكوفي والصحيح أنّ اسمه عبد مناف، وبذلك نطقت وصيّة أبيه عبدالمطّلب، حين أوصى إليه رسول الله(صلى الله عليه وآله)وهو قوله:
أوصيك يا عبد مُناف بعدي***بواحد بعد أبيه فرد
أقول: وممّا ينفي القول بأنّ اسمه كنيته، قول عبدالمطّلب أيضاً على ما يلي:
أوصيت من كنيته بطالب***عبد مُناف وهو ذو تجارب
مواهب الواهب: 71، 72 وعمدة الطلب: 1/138، 204 ط النجف / 1961 وبحار الأنوار: 15/152.
[28] مجمع الأمثال : 1/97 وابن القيم في زاد المعاد : 2/46.
[29] أسنى المطالب للعلامة ابن دحلان: 6.
[30] مسند أحمد بن حنبل : 1/209 مسند عبدالله بن عباس، ومستدرك الصحيحين: 3/183 ونظم درر السمطين: 84، الإصابة: 4/248 وكنز العمال: 6/391، اسد الغابة : 3/414 وتاريخ الطبري : 2/56.
[31] بحار الأنوار : 15/157 عن كنز الكراجكي المتوفى سنة 449 هـ في كتابه كنز الفوائد : 1 / 192، أخبار عبدالمطلب .
[32] سيرة ابن هشام: 1/179 وتاريخ اليعقوبي : 1/335 باب مولد رسول الله(صلى الله عليه وآله) ، السيرة النبوية لابن كثير: 1/240 .
[33] راجع السيرة النبوية لابن كثير: 1/242.
[34] السيرة النبوية لابن كثير: 1/249 فصل في خروجه مع عمّه الى الشام.
[35] أعلام النساء / عمر رضا كحالة : 33.
[36] المستدرك على الصحيحين: 3/108 كتاب معرفة الصحابة، ذكر فضيلة اُمّ علي بن أبي طالب(رضي الله عنها).
[37] تذكرة الخواص : 13 ومقاتل الطالبيين لأبي الفرج: 27.
[38] البهاليل: جمع بهلول : السيد الجامع لكل خير.
[39] مناقب ابن شهر آشوب: 2/151، فصل في آثار حمله وكيفية ولادته، فاطمة بنت أسد: 58.
[40] بحار الأنوار : 35/98 مناقب آل أبي طالب ، ابن شهرآشوب: 2/172.
[41] تاريخ اليعقوبي : 1/335 باب مولد رسول الله(صلى الله عليه وآله).
[42] الأغاني : 8/48 ـ 51.
[43] يراجع شرح نهج البلاغة : 15/219 من كتاب له(عليه السلام) الى معاوية / 28، فضل بني هاشم على بني عبد شمس، وسيرة ابن هشام: 1/151، ذكر بئار قبائل قريش.
[44] بحار الأنوار: 35/133 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق