السبت، 26 سبتمبر 2015

الاعتراف بفضل الصحابة بنحو الإجمال



يقول الإمام علي(عليه السلام) في صحابة الرسول(صلى الله عليه وآله) :
«لقد رأيت أصحاب محمّد(صلى الله عليه وآله) فما أرى أحداً يُشبههم منكم، لقد كانوا يُصبحون شُعثاً غُبراً، وقد باتُوا سُجّداً وقياماً يراوحون بين جباهِهم وخُدودهم، ويقِفُون على مثل الجَمْر من ذكر معادهم، كأنّ بين أعينهم رُكَبَ المِعزى من طولِ سُجودِهم، إذا ذُكِرَ اللهُ هَمَلَتْ أعيُنُهم حتّى تَبُلَّ جُيوبهم، ومادوا كما يميدُ الشجرُ يوم الريحِ العاصف خوفاً من العقاب ورجاءً للثواب»[1].
ويقول: «أين إخواني الّذين ركِبوا الطريق ومَضوا على الحقّ؟ أين عمّار، وأين ابن التَيِّهان، وأين ذو الشهادتين؟ وأين نظراؤهم من إخوانهم الّذين تَلَوُا القُرآن، فأحكمُوهُ، وتَدبَّروا الفرضَ فأقاموه، أحْيَوُا السُنّة وأماتُوا البدعة، دُعوا إلى الجهاد فأجابوا، ووثِقُوا بالقائد فاتّبعوه»[2].
ومن أدعية الإمام السجّاد زين العابدين عليّ بن الحسين(عليهما السلام)في الصحيفة المعروفة بـ  (الصحيفة السجادية) التي يتعبّد بها أتباع أهل البيت(عليهم السلام)، هذا الدعاء: «اللّهمّ وأتباع الرسل ومصدّقوهم من أهل الأرض بالغيب عند معارضة المعاندين لهم بالتكذيب... اللّهمّ وأصحاب محمّد خاصّة، الّذين أحسنوا الصحبة، والذين أبلوا البلاء الحسن في نصره، وكانفوه ، وأسرعوا الى وفادته، وسابقوا الى دعوته واستجابوا له حيث أسمعهم حجّة رسالاته، وفارقوا الأزواج والأولاد في إظهار كلمته، وقاتلوا الآباء والأبناء في تثبيت نبوّته، وانتصروا به، ومن كانوا مُنطوين على محبّته، يرجون تجارة لن تبور في مودّته، والّذين هجرتهم العشائر إذ تعلّقوا بعروته، وانتفت منهم القرابات إذ سكنوا في ظلّ قرابته، فلا تنسَ لهم اللّهمّ ما تركوا لك وفيك، وأرضِهم من رضوانك، ... واشكرهم على هجرهم فيك ديار قومهم... اللّهمّ وأوصل إلى التابعين لهم بإحسان الّذين يقولون: (ربّنا اغْفِر لَنَا وَلإخوانِنا الّذين سَبَقُونا بالإيمان) خير جزائك...»[3].

وهذا المعنى محسوس في تراث فقهاء ومفكري مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) ، يقول أحد المعاصرين منهم وهو الشيخ محمد حسين آل كاشف الغطاء : «لا أقول إن الآخرين من الصحابة ـ هم الأكثر الّذين لم يتّسموا بسمة الولاء لأهل البيت ـ قد خالفوا النبيّ ولم يأخذوا بإرشاده، كلاّ ومعاذ الله أن يُظنّ فيهم ذلكوهم خيرة من على وجه الأرض يومئذ، ولكن لعلّ تلك الكلمات لم يسمعها كلّهم، ومن سمع بعضها لم يلتفت إلى المقصود منها، وصحابة النبيّ الكرام أسمى من أن تُحلّق إلى أوج مقامهم بُغاث الأوهام»[4].
ويُضيف آل كاشف الغطاء بعد أن يذكر جملةً ممّا وقع بحقّ أهل البيت في عهود الخلافة المتتابعة، فيقول: «لا يذهبنّ عنك أ نّه ليس معنى هذا أ نّا نريد أن ننكر ما لاُولئك الخلفاء من الحسنات وبعض الخدمات للإسلام، التي لا يجحدها إلاّ مكابر، ولسنا بحمد الله من المكابرين، ولا سبّابين ولا شتّامين، بل ممّن يشكر الحسنة ويغضي عن السيئة، ويقول: تلك اُمّةٌ قد خَلَتْ، لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت وحسابهم على الله، فإن عفا فبفضله، وإن عاقب فبعدله»[5].
هذا من حيث التفصيل، أ مّا الوصف الإجمالي للصحابة فقد أوجزه السيّد الشهيد محمد باقر الصدر بعبارة رائعة، فقال: «إنّ الصحابة بوصفهم الطليعة المؤمنة والمستنيرة كانوا أفضل وأصلح بذرة لنشوء اُمة رساليّة، حتّى أن تاريخ الإنسان لم يشهد جيلاً عقائديّاً أروع وأنبل وأطهر من الجيل الذي أنشأه الرسول القائد»[6].
4 ـ وثائق قرآنية ونبوية وتاريخية تشهد بسقوط العدالة عن بعض الصحابة.
وها نحن نسوقها بنحو من التفصيل:
فقد برزت ظاهرة النفاق بين صحابة الرسول في المدينة المنوّرة، وسجّلها القرآن الكريم بعبارات مريرة في اثنتي عشرة سورة من سوره، وخصص واحدة منها للتنديد بهم والتحذير منهم، وكشف خططهم وألاعيبهم، وبيان خصائصهم وصفاتهم السلوكية، ووردت الإشارة إليهم بكلمة النفاق أو المنافقين سبع وثلاثين مرة، ولا شك أن هؤلاء قد صحبوا النبي(صلى الله عليه وآله) ، وربّما كانوا قبل ذلك من المشاركين في بعض الغزوات، وربّما كان بعضهم صادقاً في إيمانه قبل حلول النفاق في قلبه. وفي الصحابة مَن لمز النبي(صلى الله عليه وآله) في الصدقات، ومنهم من آذاه وقال: (هواُذُنٌ) ومنهم من اتّخذوا مسجداً ضراراً وتفريقاً بين المؤمنين، ومنهم من كان في قلبه مرض ومنهم المعوقون، (ومنهم الذين اعتذروا في غزوة تبوك وكانوا بضعة وثمانين رجلاً)[7]، وحلفوا للنبي فقبل منهم علانيتهم، فنزل فيهم قوله تعالى: (سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجسٌ ومأواهم جهنم جزاءاً بما كانوا يكسبون * يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين)[8].
وفي هذه الغزوة همَّ أربعة عشر منافقاً أن يفتكوا برسول الله في ظلمات الليل عند عقبة هناك[9].
ولما انصرف النبيّ من هذه الغزوة إلى المدينة كان في الطريق ماء يخرج من وشل بوادي المشقق، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله): من سبقنا إلى ذلك الماء فلا يسقين منه شيئاً حتّى نأتيه. فسبقه إليه نفر من المنافقين واستقوا ما فيه، فلما أتاه رسول الله(صلى الله عليه وآله)! وقف عليه فلم ير فيه شيئاً، ولمّا علم النّبي بأمر المنافقين قال: أوَلم ننههم أن يستقوا منه شيئاً حتّى نأتيه. ثم لعنهم ودعا عليهم[10].
(ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو اُذُنٌ... والذين يؤذون رسول الله لهم عذاب أليم)[11]. (إنّ الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعدّ لهم عذاباً مُهيناً)[12].
وفيهم المخادعون والذين يظهرون الإيمان وقد وصفهم الله تعالى بقوله:
(ومن الناس من يقول آمنّا بالله وباليوم الآخر وما هم بمؤمنين* يخادعون الله والذين آمنوا وما يخدعون إلاّ أنفسهم وما يشعرون)[13].
(وإذا لقوا الّذين آمنوا قالوا آمنّا وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنّا معكم إنّما نحن مستهزءون)[14].
(ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدّقن ولنكوننّ من الصّالحين* فلمّا آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون* فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون)[15].
إنها قصة ثعلبة، ذلك الصحابي المعدم الذي سأل الرسول أن يدعو الله له حتّى يرزقه المال، فقال له الرسول: «ويحك يا ثعلبة، قليل تشكره خير من كثير لا تطيقه» فقال ثعلبة: والذي بعثك بالحق لئن دعوت الله فيرزقني مالاً لأعطين كل ذي حقّ حقه. فقال الرسول: «اللهم ارزق ثعلبة مالاً»، فرزقه الله ونمّاه له، وعندما طلب منه الرسول زكاة أمواله بخل ثعلبة، معللاً بخله بأن هذه الزكاة جزية وامتنع عن دفعها ومات النبي(صلى الله عليه وآله) وثعلبة على قيد الحياة، فأرسل زكاة أمواله إلى أبي بكر فرفضها، وأرسلها إلى عمر فرفضها، وهلك ثعلبة في زمن عثمان[16].
وفيهم من قال القرآن فيه: (أفمن كان مؤمناً كمن كان فاسقاً لا يستوون* أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى نُزلاً بما كانوا يعملون* وأما الذين فسقوا فمأواهم النار كلّما أرادوا أن يخرجوا منها اُعيدوا فيها وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذي كنتم به تكذبون)[17].
المؤمن هو علي بن أبي طالب، والفاسق هو الوليد بن عقبة، وقد تولى الكوفة لعثمان، وتولى المدينة لمعاوية ولابنه يزيد[18].
ومنهم من قال الله تعالى فيه: (ومن أظلم ممّن افترى على الله الكذب وهو يدعى إلى الإسلام والله لا يهدي القوم الظالمين)[19].
نزلت هذه الآية في عبدالله بن أبي سرح وهو والي عثمان على مصر، فهو الذي افترى على الله الكذب، وأباح الرسول دمه ولو تعلق بأستار الكعبة، كما يروي صاحب السيرة الحلبية الشافعي في باب فتح مكة، وجاء به عثمان يوم الفتح يطلب الأمان له كما يروي صاحب السيرة، وسكت الرسول على أمل أن يقتل خلال سكوته، كما أوضح رسول الله، ولما لم يقتل أعطاه الأمان[20].
وفيهم مَن قال: (اتّخذوا أيمانهم جنّة فصدّوا عن سبيل الله فلهم عذاب مهين)[21].
وفيهم مَن قال: (يخادعون الله وهو خادعهم وإذا قاموا إلى الصلاة قاموا كسالى يراؤون الناس ولا يذكرون الله إلاّ قليلاً* مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء ومن يضلل الله فلن تجد له سبيلاً)[22].
والكتاب العزيز يعلن بصراحة عن وجود طائفة تستمع إلى رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ولكن طبع الله على قلوبهم لأ نّهم اتّبعوا الهوى، فقال تعالى:
(ومنهم من يستمع إليك حتّى إذا خرجوا من عندك قالوا للّذين اُوتوا العلم ماذا قال آنفاً اُولئك الّذين طبع الله على قلوبهم واتّبعوا أهواءهم)[23].
كما أعلن تعالى لعن طائفة منهم وهم الذين في قلوبهم مرض والذين يفسدون في الأرض ويقطعون أرحامهم، (اُولئك الذين لعنهم الله فأصمّهم وأعمى أبصارهم* أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها)[24].
ومنهم ذو الثُّدَيَّة الذي كان من الصحابة المتنسكين وكان يعجب الناس تعبده واجتهاده، وكان رسول الله(صلى الله عليه وآله) يقول: إنه لرجل في وجهه لسفعة من الشيطان، وأرسل أبا بكر ليقتله، فلما رآه يصلي رجع، وأرسل عمر فلم يقتله، ثم أرسل علياً(عليه السلام) فلم يدركه[25]. وهو الذي ترأّس الخوارج، وقتله علي(عليه السلام) يوم النهروان[26].
كانت مجموعة من الصحابة يجتمعون في بيت أحدهم يثبطون الناس عن رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فأمر من أحرق عليهم هذا البيت[27].
وممّن صحب النبي(صلى الله عليه وآله) قزمان بن الحرث، قاتل مع رسول الله في اُحد قتال الأبطال، فقال أصحاب النبيّ(صلى الله عليه وآله): ما أجزأ عنا أحد كما أجزأ عنّا فلان، فقال النّبي: أما إنه من أهل النار، ولما أصابته الجراح وسقط قيل له: هنيئاً لك بالجنة يا أبا الغيداق، فقال: جنّة من حرمل!! والله ما قاتلنا إلاّ على الأحساب[28] !
ومنهم الذين اتّخذوا مسجداً ضراراً وكفراً وتفريقاً بين المؤمنين، وقالوا: إنّهم بنوا هذا المسجد تقرّباً لله تعالى، وكانوا اثني عشر رجلاً من الصحابة المنافقين.
أخرج ابن حجر الهيثمي عن أبي الدرداء، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): لألفينّ ما توزعت أحداً [29] منكم عند الحوض فأقول: هذا من أصحابي فيقول: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك[30].
وعن أبي الدرداء، قال: قلت: يا رسول الله بلغني أ نّك تقول:
إن أُناساً من اُ مّتي سيكفرون بعد إيمانهم، قال: أجل يا أبا الدرداء؟ ولست منهم[31].
وأخرج الإمام أحمد عن أبي بكرة، قال: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): ليردّن الحوض عليّ رجال ممّن صحبني، ورآني، فإذا رفعوا إليّ ورأيتهم اختلجوا دوني، فلأقولنّ أصحابي، أصحابي فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك[32].
وأخرج الإمام أحمد عن أنس بن مالك عن النبي(صلى الله عليه وآله)، قال: ليردّن الحوض عليّ رجال حتّى إذا رأيتهم رفعوا إليّ، فاختلجوا دوني فلأقولنّ: ياربّ: أصحابي، أصحابي، فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك[33]. وأخرج الإمام أحمد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال: قام فينا رسول الله(صلى الله عليه وآله)بموعظة، فقال: إنّكم محشورون إلى الله تعالى حُفاة، عُراة، عُزْلاً، (كما بدأنا أوّل خلق نُعيده وعداً علينا إنّا كنّا فاعلين).
فأوّل الخلائق يُكسى إبراهيم خليل الرحمن عزّ وجل، ثم يؤخذ بقوم منكم ذات الشمال.
قال ابن جعفر: وإنه سيُجاء برجال من اُمتي فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقول: يا ربّ أصحابي قال: فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك، لم يزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم، فأقول كما قال العبد الصالح: (وكنت عليهم شهيداً ما دمت فيهم) الآية، إلى (إنّك أنت العزيز الحكيم)[34].
5 ـ القرآن والسنّة يصرّحان بلعن بعض الصحابة
أما القرآن الكريم: فقد ذكرنا أن موارد اللعن في القرآن الكريم قد توزعت على أربعة محاور هي: عموم الكفار، خصوص أهل الكتاب، المنافقون، عوامل تهديد النظام الاجتماعي الإسلامي.
والمحور الأول والثاني خارجيان، والثالث والرابع داخليان، يعيشان داخل المجتمع الإسلامي، وحينما يصبّ القرآن الكريم لعنته على النفاق، فإنّما يلعن بذلك، أفراداً ممّن أسلم وصحب النبي(صلى الله عليه وآله) وصدق عليه مفهوم الصحبة، وكذلك الأمر في المحور الرابع وأبرز مورد قرآني في لعن بعض الصحابة، قوله تعالى: (وإذ قلنا لك ان ربّك أحاط بالناس وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلاّ فتنة للناس والشجرة المعلونة في القرآن ونخوفهم فما يزيدهم إلاّ طغياناً كبيراً)[35].
وذكر المفسرون أن الشجرة الملعونة في القرآن هي شجرة الحكم بن أبي العاص، والرؤيا هي رؤيا النبي(صلى الله عليه وآله) في المنام، أن ولد مروان بن الحكم يتداولون منبره[36].
أما لعن النبي(صلى الله عليه وآله) لبعض صحابته، فباب واسع فيه موارد عديدة أشهرها لعن الرسول للحكم، ولعن ما في صلبه حتى أ نّه، قال: ويل لاُ مّتي ممّا في صلب هذا[37].
ومن حديث عائشة أنها قالت لمروان: أشهد أن رسول الله لعن أباك وأنت في صلبه، فنفاه النبي إلى مرج قرب الطائف، وحرّم عليه أن يدخل المدينة، ولما مات رسول الله راجع عثمان أبا بكر ليدخله فرفض أبو بكر، ولما مات أبو بكر راجع عثمان عمر ليدخله المدينة فأبى عمر، ولما تولى عثمان الخلافة أدخله معزّزاً مكرّماً وأعطاه مائة ألف درهم، واتّخذ مروان ابنه بطانة له، وتسبب فيما بعد بقتل الخليفة وخراب الخلافة الراشدة .
وأخرج نصر بن مزاحم المنقري، عن عبدالغفار بن القاسم، عن عدي بن ثابت، عن البراء بن عازب، قال: أقبل أبو سفيان ومعه معاوية، فقال رسول الله(صلى الله عليه وآله) : «اللهمّ العن التابع والمتبوع، اللهمّ عليك بالاُقيعس». فقال ابن البراء لأبيه: مَن الاُقيعس[38]؟ قال: معاوية؟[39].
وأخرج نصر، عن علي بن الأقمر في آخر حديثه، قال: فنظر رسول الله إلى أبي سفيان وهو راكب، ومعاوية وأخوه، أحدهما قائد والآخر سائق، فلمّا نظر إليهم رسول الله(صلى الله عليه وآله) ،قال: «اللّهمّ العن القائد، والسائق، والراكب». قلنا:
أنت سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله)؟! قال: نعم، وإلاّ فصُمَّتا اُذناي ، كما عُميتا عيناي[40].
وانظر إلى رسالة محمد بن أبي بكر التي وجهها لمعاوية، فقد جاء فيها: «وقد رأيتك تساميه وأنت أنت، وهو هو أصدق الناس نية، وأفضل الناس ذرية، وخير الناس زوجة، وأفضل الناس ابن عم أخوه الشاري بنفسه يوم مؤته، وعمّه سيد الشهداء يوم اُحد، وأبوه الذابّ عن رسول الله(صلى الله عليه وآله) ،ونحن حوزته. وأنت اللعين ابن اللعين، لم تزل أنت وأبوك تبغيان لرسول الله(صلى الله عليه وآله)الغوائل، وتجهدان في إطفاء نور الله، تجمعان على ذلك الجموع، وتبذلان فيه المال وتؤلبان عليه القبائل، وعلى ذلك مات أبوك وعليه خلفته. ولم ينف معاوية لعنه ولا لعن أبيه مع أنه قد كتب رداً على هذه الرسالة[41].
وهذه الشواهد القرآنية والنبوية والتاريخية، تشهد بقاطعية لبطلان نظرية عدالة كل الصحابة. وتشهد أيضاً على أن الصحابة أنفسهم لم يكونوا ينظرون بمنظار العدالة لكل صحابي، كما في كلمة عائشة لمروان: أشهد أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) لعن أباك وأنت في صلبه. وتتأكد هذه النتيجة بملاحظة كلمتها الشهيرة بحق عثمان: اقتلوا نعثلاً فقد كفر[42].
6 ـ بطلان قاعدة الفرق بين النوع والشخص المعيّن
وتشهد هذه الشواهد أيضاً لبطلان قاعدة نسجها أبو حامد الغزالي وآخرون ممّن سلك مسلكه، في أنّ اللعن الجائز هو لعن الأنواع بأوصافهم، حيث كتب يقول: «إن اللعن الجائز هو لعن الأنواع بأوصافهم كقولك: لعنة الله على الكافرين والمبتدعين والظالمين وآكلي الربا... الخ. أما لعن الشخص المعين فهذا فيه خطر كقولك: زيد لعنه الله، وهو كافر أو فاسق أو مبتدع، والتفصيل فيه أن كل شخص ثبتت لعنته شرعاً فتجوز لعنته كقولك: فرعون لعنه الله، وأبو جهل لعنه الله، لأنه قد ثبت أن هؤلاء ماتوا على الكفر وعرف ذلك شرعاً.
وأما شخص بعينه في زماننا كقولك: زيد لعنه الله، وهو يهودي مثلاً فهذا فيه خطر فإنّه ربّما يسلم فيموت مقراً عند الله فكيف يحكم بكونه ملعوناً؟
فإن قلت: يلعن لكونه كافراً في الحال، كما يقال للمسلم: رحمه الله، لكونه مسلماً في الحال، وإن كان يتصور أن يرتد، فاعلم أن معنى قولنا: رحمه الله، أي ثبته الله على الإسلام الذي هو سبب الرحمة وعلى الطاعة، ولا يمكن أن يقال: ثبت الله الكافر على ما هو سبب اللعنة، فإن هذا سؤال للكفر وهو في نفسه كفر، بل الجائز أن يقال: لعنه الله إن مات على الكفر، ولا لعنه الله إن مات على الإسلام. وذلك غيب لا يدرى، والمطلق متردد بين الجهتين ففيه خطر، وليس في ترك اللعن خطر. وإذا عرفت هذا في الكافر فهو في زيد الفاسق أو زيد المبتدع أولى، فلعن الأعيان فيه خطر لأن الأعيان تتقلب في الأحوال إلاّ من أعلم به رسول الله(صلى الله عليه وآله) فإنّه يجوز أن يعلم من يموت على الكفر، ولذلك عين قوماً باللعن، فكان يقول في دعائه على قريش: «اللهمّ عليك بأبي جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة»، وذكر جماعة قتلوا على الكفر، حتى أنّ من لم يعلم عاقبته كان يلعنه فنهى عنه، إذ روي: أنّه كان يلعن الذي قتلوا أصحاب بئر معونة في قنوته شهراً، فنزل قوله تعالى: (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنّهم ظالمون) يعني أنهم ربّما يسلمون فمن أين تعلم أنهم ملعونون؟ وكذلك من بان لنا موته على الكفر جاز لعنه وجاز ذمّه إن لم يكن فيه أذى على مسلم، فإن كان لم يجز، كما روي أن رسول الله(صلى الله عليه وآله) سأل أبا بكر عن قبر مرّ به وهو يريد الطائف، فقال: هذا قبر رجل كان عاتياً على الله ورسوله وهو سعيد بن العاص، فغضب ابنه عمرو بن سعيد وقال: يا رسول الله هذا قبر رجل كان أطعم للطعام وأضرب للهام من أبي قحافة، فقال أبو بكر: يكلمني هذا يا رسول الله بمثل هذا الكلام؟ فقال(صلى الله عليه وآله): «اكفف عن أبي بكر» فانصرف ثم أقبل على أبي بكر فقال: «يا أبا بكر إذا ذكرتم الكفار فعمّموا فإنّكم إذا خصصتم غضب الأبناء للآباء» فكف الناس عن ذلك، وشرب نعمان الخمر فحدّ مرات في مجلس رسول الله(صلى الله عليه وآله) فقال بعض الصحابة: لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به فقال(صلى الله عليه وآله): «لا تكن عوناً للشيطان على أخيك»، وفي رواية: «لا تقل هذا فإنّه يحب الله ورسوله»، فنهاه عن ذلك، وهذا يدل على أن لعن فاسق بعينه غير جائز. وعلى الجملة ففي لعن الأشخاص خطر فليجتنب ، ولا خطر في السكوت عن لعن إبليس مثلاً فضلاً عن غيره.
فإن قيل: هل يجوز لعن يزيد لأنّه قاتل الحسين أو أمر به؟ قلنا: هذا لم يثبت أصلاً فلا يجوز أن يقال إنّه قتله أو أمر به ما لم يثبت، فضلاً عن اللعنة، لأنّه لا تجوز نسبة مسلم الى كبيرة من غير تحقيق. نعم، يجوز أن يقال قتل ابن ملجم عليّاً(عليه السلام) وقتل أبو لؤلؤة عمر ، فإن ذلك ثبت متواتراً. فلا يجوز أن يرمى مسلم بفسق أو كفر من غير تحقيق. قال(صلى الله عليه وآله): «لا يرمي رجل رجلاً بالكفر ولا يرميه بالفسق إلاّ ارتدت عليه إن لم يكن صاحبه كذلك» ، وقال(صلى الله عليه وآله): «ما شهد رجل على رجل بالكفر إلاّ باء به أحدهما، إن كان كافراً فهو كما قال، وإن لم يكن كافراً فقد كفر بتكفيره إيّاه»، وهذا معناه أن يكفره وهو يعلم أنه مسلم فإن ظن أنّه كافر ببدعة أو غيرها كان مخطئاً لا كافراً ، وقال معاذ: قال لي رسول الله(صلى الله عليه وآله): «أنهاك أن تشتم مسلماً أو تعصي إماماً عادلاً، والتعرض للأموات أشدّ» قال مسروق: دخلت على عائشة فقالت: ما فعل فلان لعنه الله؟ قلت: توفي. قالت: رحمه الله، قلت: وكيف هذا؟ قالت: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «لا تسبّوا الأموات فإنّهم قد أفضوا الى ما قدموا»، وقال(عليه السلام): «لا تسبّوا الأموات فتؤذوا به الأحياء»، وقال(عليه السلام): «أيها الناس احفظوني في أصحابي وإخواني وأصهاري ولا تسبّوهم، أيّها الناس إذا مات الميت فاذكروا منه خيراً».
فإن قيل; فهل يجوز أن يقال: قاتل الحسين لعنه الله؟ أو الآمر بقتله لعنه الله؟ قلنا: الصواب أن يقال: قاتل الحسين إن مات قبل التوبة لعنه الله، لأنّه يحتمل أن يموت بعد التوبة، فإن وحشيّاً قاتل حمزة عمّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قتله وهو كافر، ثم تاب عن الكفر والقتل جميعاً ولا يجوز أن يلعن، والقتل كبيرة ولا تنتهي الى رتبة الكفر، فإذا لم يقيّد بالتوبة وأطلق كان فيه خطر وليس في السكوت خطر فهو أولى.
وإنّما أوردنا هذا لتهاون الناس باللعنة وإطلاق اللسان بها. والمؤمن ليس بلعّان فلا ينبغي أن يطلق باللعنة إلاّ على من مات على الكفر، أو على الأجناس المعروفين بأوصافهم دون الأشخاص المعينين فالاشتغال بذكر الله أولى فإن لم يكن ففي السكوت سلامة»[43].
وكتب ابن تيمية مؤيداً ذلك :
«وقد ثبت في صحيح البخاري ما معناه أن رجلاً يلقب خمّاراً وكان يشرب الخمر، وكان كلما شرب أُتي به إلى النبي(صلى الله عليه وآله) جلده، فاُتي به إليه مرة فقال رجل: لعنه الله ما أكثر ما يؤتى به إلى النبي(صلى الله عليه وآله)، فقال النبي(صلى الله عليه وآله): لا تلعنوه فإنه يحب الله ورسوله. وكل مؤمن يحب الله ورسوله، ومن لم يحب الله ورسوله فليس بمؤمن، وإن كانوا متفاضلين في الإيمان، وما يدخل فيه من حب وغيره، هذا مع أنه(صلى الله عليه وآله) لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمولة إليه وآكل ثمنها، وقد نهى عن لعنة هذا المعيّن لأن اللعنة من باب الوعيد، فيحكم به عموماً، وأما المعين فقد يرتفع عنه الوعيد لتوبة صحيحة، أو حسنات ماحية، أو مصائب مكفرة، أو شفاعة مقبولة، أو غير ذلك من الأسباب التي ضررها يرفع العقوبة عن المذنب»[44].
ونقل عنه قوله: «وحقيقة الأمر في ذلك، أن القول قد يكون كفراً فيطلق القول تكفير ]بتكفير [قائله، ويقال: من قال كذا فهو كافر، لكن الشخص المعيّن الذي قاله لا يكفّر حتّى تقوم عليه الحجّة التي يكفّر تاركها من تعريف الحكم الشرعي من سلطان أو أمير مطاع.
كما هو المنصوص عليه في كتب الأحكام، فإذا عرّفه الحكم وزالت عنه الجهالة قامت عليه الحجّة، وهذا كما هو في نصوص الوعيد من الكتاب والسنّة، وهي كثيرة جداً والقول بموجبها واجب على وجه العموم والإطلاق، من غير أن يعيّن شخصاً من الأشخاص، فيقال: هذا كافر، أو فاسق، أو ملعون، أو مغضوب عليه، أو مستحق للنار، لا سيّما إن كان للشخص فضائل وحسنات، فإنّ ما سوى الأنبياء يجوز عليهم الصغائر والكبائر، مع إمكان أن يكون ذلك الشخص صدّيقاً ، أو شهيداً ، أو صالحاً، كما قد بسط في غير هذا الموضع، من أن موجب الذنوب تتخلف عنه بتوبة، أو باستغفار، أو حسنات ماحية، أو مصائب مكفرة، أو شفاعة مقبولة، أو لمحض مشيئة الله ورحمته.
فإذا قلنا بموجب قوله تعالى: (ومن يقتل مؤمناً متعمّداً)[45] الآية وقوله: (إنّ الذين يأكلون أموال اليتامى ظلماً إنّما يأكلون في بطونهم ناراً وسيصلون سعيراً)[46]. وقوله: (ومن يَعصِ الله ورسوله ويتعدّ حدوده)[47]. الآية وقوله: (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل)[48] إلى قوله: (ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً)[49]، الآية، إلى غير ذلك من آيات الوعيد، قلنا بموجب قوله(صلى الله عليه وآله): «لعن الله من شرب الخمر»[50]، أو «من عقّ والديه»[51] أو «من غيّر منار الأرض»[52]، أو «من ذبح لغير الله»[53]، أو «لعن الله السارق»[54]، أو «لعن الله آكل الربا وموكله وشاهده وكاتبه»[55]، أو «لعن الله لاوي الصدقة والمتعدي فيها»[56]، أو «من أحدث في المدينة حدثاً، أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين»[57]، إلى غير ذلك من أحاديث الوعيد، ولم يجز أن تعين شخصاً ممن فعل بعض هذه الأفعال، وتقول: هذا المعيّن قد أصابه هذا الوعيد، لإمكان التوبة وغيره من مسقطات العقوبة، إلى أن قال: «ففعل هذه الاُمور ممن يحسب أنها مباحة باجتهاد أو تقليد ونحو ذلك، وغايته أنه معذور من لحوق الوعيد به لمانع، كما امتنع لحوق الوعيد بهم لتوبة، أوحسنات ماحية، أو مصائب مكفّرة، أوغير ذلك، وهذه السبيل هي التي يجب اتّباعها، فإنّ ما سواها طريقان خبيثان، أحدهما: القول بلحوق الوعيد بكل فرد من الأفراد بعينه، ودعوى أنها عمل بموجب النصوص، وهذا أقبح من قول الخوارج المكفّرين بالذنوب، والمعتزلة وغيرهم، وفساده معلوم بالاضطرار، وأدلته معلومة في غير هذا الموضع، فهذا ونحوه من نصوص الوعيد حق، لكن الشخص المعيّن الذي فعله لا يُشهد عليه بالوعيد، فلا يُشهد على معيّن من أهل القبلة بالنار لفوات شرط، أو لحصول مانع، وهكذا الأقوال الذي يكفر قائلها، قد يكون القائل لها لم تبلغه النصوص الموجبة لمعرفة الحق، وقد تكون بلغته ولم تثبت عنده أو لم يتمكن من معرفتها وفهمها، أو قد عرضت له شبهات يعذره الله به، فمن كان مؤمناً باللهوبرسوله مُظهراً للإسلام محباً لله ورسوله، فإنّ الله يغفر له ولو قارف بعض الذنوب القولية أو العملية، سواء اُطلق عليه لفظ الشرك أو لفظ المعاصي، هذا الذي عليه أصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله)وجماهير أئمة الإسلام، لكن المقصود أنّ مذاهب الأئمة مبنية على هذا التفصيل بالفرق بين النوع والعين»[58]
وهذا الكلام إنّما سقناه بطوله وعرضه لشدّة هذه الشبهة، وغموض الحقّ فيها غموضاً كبيراً. وبامكاننا استجلاء الحقيقة، من خلال بيان ملاحظات ترد على هذه القاعدة من جهات متعدّدة، هي:
أـ إن اللعن ليس إخباراً عن حال الملعون، حتى يرد عليه بأن الفرد الذي جرت عليه اللعنة قد يتوب ويستغفر، وقد تدركه الرحمة الإلهية. وإنّما هو ـ كما مرّ ـ دعاء بطرد ذلك الفرد من رحمة الله سبحانه وتعالى ، وقد يستجيب الله سبحانه وتعالى له وقد لا يستجيب، وقد يتوب ذلك الفرد ويصبح من الصالحين فيما بعد، وقد لا يتوب، فالله يعمل بمقاييسه ، والمؤمن يعمل بتكاليفه، فإذا رأى فرداً ارتكب عملاً من الأعمال التي جرت عليها اللعنة في الكتاب والسنّة النبوية، وجب عليه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بمراتبه الثلاث بيده أو بلسانه أو بقلبه، واللعنة من جملة المرتبة اللسانية والقلبية ، فإن استطاع إبرازها وإظهارها واعلانها فهي من المرتبة اللسانية، وان لم يستطع ذلك فهي من المرتبة القلبية.
وليس في هذه اللعنة ما يسلتزم كشفاً وإخباراً عن حال الفرد الملعون عند الله سبحانه وتعالى، كما هو واضح، إلاّ إذا جرت اللعنة على شخص معيّن من قبل الله سبحانه وتعالى في كتابه، أو من قبل رسوله(صلى الله عليه وآله) في كلامه، فمثل هذه اللعنة تنطوي على جنبة إخبارية تكشف عن حال ذلك الشخص عند الله سبحانه وتعالى، وقاعدة الفرق بين لعن النوع ولعن الفرد المعين جاءت نتيجة الخلط بين لعن المؤمن لشخص معين، وبين لعن الله ورسوله(صلى الله عليه وآله) له، فإنّ لعن المعين من قبل الناس لا ينطوي على جنبة إخبارية، بخلاف لعنه من قبل الله ورسوله، وما نحن فيه لعن الناس له الخالي عن أي جنبة إخبارية اُخروية، فلا وجه لقول الغزالي عن لعن المؤمن لليهوديّ، بأن: «في هذا خطر فإنّه ربّما يسلم فيموت مقرّاً عند الله فكيف يحكم بكونه ملعوناً»، فإن معنى اطلاق اللعنة عليه أن الله سبحانه قد أجاز لعنته بحسب حالته الحاضرة، ويبقى الحكم عليه بكونه ملعوناً عند الله أم لا متروكاً للباري سبحانه وتعالى، بحسب ما عنده من الموازين الكلية واللحاظات المتكاملة، ولا خطر في ذلك بل ربّما كان الخطر في خلافه عندما يضعف في المؤمن حسّ الانتماء للحق وروحية الاستنكار للباطل، وهذا هو وجه الخطر في ترك اللعن الذي أنكره الغزالي.
ب ـ إنّ آية : (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذّبهم فإنّهم ظالمون)[59] التي قيل إنّها نزلت في لعن النبي(صلى الله عليه وآله) قاتلي أصحاب بئر معونة في صلاته شهراً كاملاً، ليس فيها ما يدلّ على نهي الله للنبي عن هذا اللعن، وغاية ما تدل عليه أن الدعاء باللعن ليس ملاكاً في عاقبة أصحاب الباطل، فربّما يتوب الله عليهم وربّما يعاقبهم، وهذا لا يستلزم النهي عن لعنهم، كما فسّرها الغزالي.
ج ـ وهذا ينسجم تمام الانسجام مع حادثة شارب الخمر، الذي أجرى الرسول(صلى الله عليه وآله) عليه الحد مرّات عديدة ونهى عن لعنه[60] ، فقد يكون ذلك النهي لأجل علم خاص عند النبي(صلى الله عليه وآله)بحسن عاقبة ذلك الشخص في المستقبل وعند الله سبحانه وتعالى، فنهى النبي(صلى الله عليه وآله)أصحابه عن لعنه، اشارة منه الى أن دعائهم عليه سوف لا يستجاب، وأ نّهم يدعون على شخص له عاقبة حميدة، فيكون هذا الحديث من قبيل الحكم في واقعة خاصة بصاحبها ولا يشمل غيره، وتفسيره بذاك الوجه دون هذا ترجيح بلا مرجّح، فكلاهما محتمل، التفسير بالنهي عن لعن المعين، والتفسير بكون النهي هنا حكماً في واقعة، وقد قيل : إذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال، هذا إذا كانت قاعدة التفريق بين لعن الأنواع ولعن الأشخاص صحيحة، أما إذا تم إبطالها ولم يثبت لها دليل ـ كما هو الصحيح ـ يصبح الحق منحصراً بالتفسير الثاني فقط، لا محالة حينئذ. ولا تصل النوبة الى الترجيح.
د ـ وقد نوافقه على أن في لعن الأشخاص خطر، ولكن لا نوافق على أن مقتضى هذا الخطر اجتناب اللعن، وإنّما مقتضاه التحفظ الشديد فيمن تجري عليه اللعنة، فلا يُلعن إلاّ من يُقطع باستحقاقه ذلك استحاقاً خالياً من كل شائبة.
هـ ـ ولا نوافقه على عدم وجود الخطر في السكوت عن لعن إبليس فضلاً عن غيره، لأنّ اللعن وسيلة أدبية وثقافية يمكن للمجتمع من خلالها أن يحصّن نفسه عن مسارب الانحراف، ويردع بها عن نفسه معاول التهديم والتخريب الداخلي، والسكوت عن اللعن يعني القضاء على وسيلة من وسائل المناعة الذاتية التي تضمن للمجتمع سلامته واستقامته، ولذا لعن الله سبحانه وتعالى في كتابه أشخاصاً معينين مثل إبليس، والشجرة الملعونة التي هي الحكم بن أبي العاص وابناؤه .
و ـ وفي كلام الغزالي عن لعن قاتلي الحسين(عليه السلام)، بأن: «الصواب أن يقال: قاتل الحسين إن مات قبل التوبة لعنه الله ، لأنه يحتمل أن يموت بعد التوبة...» إقرار بجواز لعن الأشخاص من المسلمين، لعدم مدخلية التوبة في مسألة اللعن ، لأن جرمه معلوم مشهود، فهو الآمر بقتل الحسين(عليه السلام) والمتشفّي به، ولم تُعلم له توبة، وإذا كان ذلك قد حصل منه فقبول توبته أمر مجهول عندنا، والمهم أن يزيد في حسابات الغزالي ليس ممّن مات على الكفر ، فكيف أجاز لعنه مع ما حكم به من عدم جواز اللعنة إلاّ على من مات على الكفر؟
ز ـ وأما كلام ابن تيمية بعدم جواز «أن تعيّن شخصاً ممّن فعل بعض هذه الأفعال وتقول هذا المعيّن قد أصابه هذا الوعيد، لإمكان التوبة وغيره من مسقطات العقوبة». فإنّه إذا كان بلحاظ وعيد الله في الآخرة وما سيكون عليه حال الأفراد في يوم القيامة فهو صحيح ولا اشكال فيه، إذ أن أحداً من الناس لا يستطيع أن يقطع بما سيكون عليه حال الأشخاص في يوم القيامة لخفاء حقائق الاُمور وخفايا النفوس علينا.
وإذا كان بلحاظ الآثار الدنيوية المترتبة على أعمالهم المرفوضة شرعاً، فهي مما لا يمكن القول بها فضلاً عن تطبيقها، لوضوح أن الردّة والنفاق وبعض موارد الفسق تترتب عليها آثار جزائية شرعية، كوجوب قتل المرتد، فإذا عملنا بهذه القاعدة وتوقفنا عن إلحاق الوعيد الجزائي الشرعي بالأشخاص، ولم يجز لنا أن نشير إلى شخص معيّن، ونقول: إنّه مرتد أو فاسق أو ملعون، لا نستطيع أن نطبق الأحكام الجزائية الإسلامية المترتبة على هذه العناوين، والدليل على ذلك من عمل الخليفة الاُول، فإنّه لو لم يشخص جماعة بأعيانها قد ارتدّوا عن الدين فبأي مبرر جاز له مقاتلتهم؟
فعمل الخليفة الأول أوضح ردّ من داخل مدرسة الخلفاء على بطلان قاعدة التفريق بين النوع والشخص في الوعيد، ومن الواضح أن إجراء الآثار الجزائية وغيرها على المرتد والفاسق والمنافق إنّما هو بلحاظ ظاهر الحال، ولا نستطيع أن نتّخذ منه دليلاً على سوء العاقبة في الآخرة، فللآخرة حساباتها التي هي خافية علينا، والوعيد الاُخروي بهؤلاء الأشخاص لا طريق عندنا إليه سوى إخبار الله والرسول عنه، كما اتّضح آنفاً.
ومن الواضح أيضاً أن إجراء هذه الآثار الدنيوية يحتاج إلى تثبّت شديد، لأن الحكم على المسلم بالكفر أو النفاق أو الفسق أمر عظيم لا يستهان به، كما اتفقت على ذلك كلمة المذاهب الإسلامية قاطبة، سوى الشاذ النادر منهم كالخوارج، والنتيجة أن القاعدة المذكورة إذا كانت بلحاظ الآخرة فهي صحيحة باستثناء من أخبر الله والرسول بلحوق الوعيد بهم بأشخاصهم. وإذا كانت بلحاظ الآثار الدنيوية فهي غير صحيحة، ولا يمكن القول بها، نعم تثبيت هذه الآثار الشرعية على الأفراد بأعيانهم يحتاج إلى شروط إثباتية كافية، وإلى تشدّد في إحراز من هو المصداق الحقيقي للكفر والردّة والنفاق والفسق، وأن لا يكون الأمر على نحو من الهرج والمرج.
ط ـ ومما يشهد على بطلان هذه القاعدة الآثار التاريخية الدالة على أن الصحابة كانوا يخاطبون أشخاصاً بأعيانهم، ويشيرون إليهم بكفر أو نفاق، كخبر عائشة في مروان وأبيه[61]، وكلامها الذي ذكره الغزالي آنفاً، وكلامها بحق عثمان[62]، والكلام المعروف لأبي سعيد الخدري، أنه قال: إنّا كنّا لنعرف المنافقين ـ  نحن معاشر الأنصار ـ ببغضهم علي بن أبي طالب[63]، فهو كلام يتناول أشخاصاً معينين في ضمير المتكلم، ويطلق عليهم وصف النفاق فرداً فرداً.
ح ـ وردّ ابن عقيل العلوي على الغزالي بقوله:
قلت: كيف حمل ابن المنير والغزالي ومن تبعهما نهي النبي(صلى الله عليه وآله)أصحابه عن لعن حمّار المحب لله ولرسوله على منع التعيين، والنهي في الحديث معلل بمحبة الله ورسوله، واقع بعد إقامة الحد، ولا يفهم للتعيين وعدمه معنى من متن الحديث، مع أن عمل النبي(صلى الله عليه وآله)وعمل كثير من أصحابه وكثير من أكابر السلف بعدهم في مواطن كثيرة يخالف ما حملا عليه الحديث.
وأقوى حجة في مشروعية لعن المسلم المعيّن كتاب الله تعالى، حيث قال في يمين الملاعن: (والخامسة أن لعنت الله عليه إن كان من الكاذبين)[64] وقد حلّف النبي(صلى الله عليه وآله) الملاعن مكرراً، وجعل ذلك شرعة باقية في اُمّة محمد(صلى الله عليه وآله) إلى يوم القيامة، والتعيين هنا بضمير المتكلم أقوى من التعيين بالإسم العَلَم، كما هو مذكور في محله من كتب العربية، ولم يقل أحد من الاُمّة أصلاً بكفر الكاذب من المتلاعنين، حتّى يوجه قول الغزالي ومن تبعه أن اللعن بالتعيين لا يجوز إلاّ على الكافر، وقد لعن النبي(صلى الله عليه وآله) أشخاصاً سماهم وماتوا على الإسلام، كأبي سفيان بن حرب، وسهيل بن عمرو، وعمرو بن العاص، وأبي الأعور السلمي، والحكم بن أبي العاص، وابنه مروان وغيرهم، ولعن كثير من أجلّة الصحابة اُناساً سموهم باسمائهم، كمعاوية، وعمرو بن العاص، وحبيب وعبدالرحمن بن خالد، والضحاك بن يزيد، وبسر بن أرطأة، والوليد وزياد، والحجاج بن يوسف، وغيرهم ممّن يعسر عدّهم وسردهم، وقد لعن حسان بن ثابت هنداً بنت عتبة، وزوجها أبا سفيان، وهو إذ ذاك يكافح عن النبي(صلى الله عليه وآله) بأمره ولم ينكر عليه بل أقره عليه. قال من أبيات له:
لَعَنَ الإلهُ وزَوجَها معها***هند الهنود عظيمةَ...![65]
وقد لعن عمر بن الخطاب خالد بن الوليد، حين قتل مالك بن نويرة[66].
ولعن علي(عليه السلام) عبدالله بن الزبير يوم قُتل عثمان، إذ لم يدافع عنه[67].
وقد لعن عبدالله بن عمر ابنه بلالاً ثلاثاً ، كما ذكره ابن عبدالبر، قال: عن عبدالله بن هبيرة السبائي، قال: حدثنا بلال بن عبدالله بن عمر أن أباه عبدالله بن عمر، قال يوماً: قال رسول الله(صلى الله عليه وآله): «لا تمنعوا النساء حظوظهن من المساجد» فقلت: أما أنا فسأمنع أهلي فمن شاء فليسرح أهله، فالتفت إليّ وقال: لعنك الله لعنك الله لعنك الله! تسمعني أقول إن رسول الله(صلى الله عليه وآله)أمر أن لا يمنعن وقام مغضباً[68].
وصح عن الإمام مالك;أنه قال: لعن الله عمرو بن عبيد ـ يعني الزاهد المشهور ـ وقال محمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة رحمهما الله سمعت أبا حنيفة، يقول: لعن الله عمرو بن عبيد.
ونقل ابن الجوزي عن القاضي أبي يعلى، باسناده إلى صالح بن أحمد بن حنبل، قال: قلت لأبي: إن قوماً ينسبونا إلى تولي يزيد، فقال: يا بنيوهل يتولى يزيد أحد يؤمن بالله، ولم لا نلعن من لعنه الله في كتابه؟ فقلت: وأين لعن الله يزيد في كتابه؟ فقال: في قوله تعالى: (فهل عسيتم إن توليتم أن تفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم* اُولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم)[69] فهل يكون فساد أعظم من هذا القتل، وفي رواية: يا بني ما أقول في رجل لعنه الله في كتابه[70].
ونقل البخاري في خلق أفعال العباد، قال: قال وكيع: على بشر المرّيسي لعنة الله، يهودي أو نصراني، قال له رجل: كان أبوه أو جده نصرانياً، قال وكيع: عليه وعلى أصحابه لعنة الله[71].
وقد لعن بكر بن حماد، والقاضي أبو الطيب، وأبو المظفر الاسفرائيني وكثير غيرهم، عمران ابن حطان في ردّهم المشهور على أبياته التي امتدح بها أشقى الآخرين ابن ملجم لعنه الله[72].
ولعن يحيى بن معين الحسين بن علي الكرابيسي الشافعي البغدادي، كما ذكره في تهذيب التهذيب[73] ، وما زال اللعن فاشياً بين المسلمين إذا عرفوا من الإنسان معصية تقتضي لعنه. وإذا تتبعت كتب الحديث والسير والتاريخ وجدتها مشحونة بذلك، ولهذا أقول لطالب التحقيق لا يهولنك ما تظافر هؤلاء عليه من منع التعيين، مع أنه قد ورد عن نبيّهم وكثير من أصحابه، ومن أكابر السلف ما يخالفه، فليفرخ روعك فإن الهدى هدى محمد وأصحابه»[74].
_______________________________________________
[1] نهج البلاغة ـ صبحي الصالح: 91.
[2] نهج البلاغة ـ صبحي الصالح: 264 خطبة 182.
[3] الصحيفة السجّادية ـ الدعاء رقم 4، «الصلاة على أتباع الرسُل ومصدّقيهم».
[4] أصل الشيعة واُصولها: 84 ـ 85.
[5]المصدر السابق: 94.
[6] بحث حول الولاية: 11 / 48 ـ المجموعة الكاملة.
[7] فتح الباري : 8/113 ، باب 79 ، ح 4418.
[8] التوبة: 95 ـ 96 .
[9] دلائل النبوّة: 5/256، 262.
[10] تاريخ الطبري : 2/186، ذكر خبر عن غزوة تبوك / حوادث سنة 9 من الهجرة.
[11] التوبة: 61.
[12] الأحزاب: 57، راجع تفسير الماوردي: 4/422 تفسير الآية.
[13] البقرة: 8 ـ 9، راجع الجامع لأحكام القرآن: 1/192 ـ 197، تفسير الآيتين.
[14] البقرة: 14، راجع تفسير البيضاوي: 1/175 ـ 177، تفسير الآية.
[15] التوبة: 75 ـ 77.
[16] راجع على سبيل المثال تفسير فتح القدير للشوكاني علي بن محمد: 2 / 185 وتفسير ابن كثير لإسماعيل بن كثير الدمشقي : 2 / 373. وتفسير الخازن لعلاء الدين علي بن إبراهيم البغدادي: 2 / 125. وتفسير البغوي محمد ابن الحسن بن مسعود الفرا: 2/125 بهامش تفسير الخازن. وتفسير الطبري لأبي جعفر محمد بن جرير الطبري: 6/ 131.
[17] السجدة: 18 ـ 20 .
[18] تفسير الطبري: 21 / 107 والكشاف للزمخشري: 3 / 514 وفتح القدير للشوكاني: 4/225 وتفسير ابن كثير: 3/462 وأسباب النزول للواحدي: 200، وأسباب النزول للسيوطي مطبوع بهامش تفسير الجلالين: 550، وأحكام القرآن لابن عربي: 3/1489 وشرح النهج لابن أبي الحديد: 4/80 و 6/292 والدر المنثور للسيوطي: 5/178، وزاد المسير لابن الجوزي الحنبلي: 6/340، وأنساب الأشراف للبلاذري: 2/148 ح  150، وتفسير الخازن: 3/470 و 5/ 187، ومعالم التنزيل للبغوي الشافعي بهامش الخازن: 5/187، والسيرة الحلبية للحلبي الشافعي: 2/85، وتخريج الكشاف لابن حجر العسقلاني مطبوع بذيل الكشاف: 3/514، والانتصاف في ما تضمنه الكشاف بذيل الكشاف: 3/244.
[19] الصف: 7.
[20] راجع السيرة الحلبية باب فتح مكة.
[21] المجادلة: 16، راجع تفسير الخازن: 4/262 تفسير الآية، ط دار الكتب العلمية.
[22] النساء: 142 ـ 143، راجع تفسير المراغي: 2/186 ـ 188، تفسير الآيتين، ط دار الفكر.
[23] سورة محمد(صلى الله عليه وآله): 16، راجع صفوة التفاسير: 3/209 ـ 210، تفسير الآية، ط دار القلم.
[24] سورة محمد(صلى الله عليه وآله): 23 ـ 24، راجع صفوة التفاسير: 3 / 211 ـ 212، تفسير الآيتين، ط دار القلم.
[25] راجع الإصابة في تمييز الصحابة: 1/484 ، رقم 2446، فتح الباري: 6/617 ، ح 3610، بلفظ آخر.
[26] السيرة النبويّة لابن حبّان: 546، ومروج الذهب: 2/ 425 ، الكامل في التاريخ: 3/348، البداية والنهاية: 7/32.
[27] راجع سيرة ابن هشام: 3/235.
[28] الإصابة: 3/235.
[29] في رواية أحدكم «كذا في هامش مجمع الزوائد»: 3/367.
[30] مجمع الزوائد: 9/367.
[31] المصدر السابق.
[32] مسند الإمام أحمد: 5/50 الطبعة الاُولى.
[33] مسند الإمام أحمد: 3/281.
[34] مسند الإمام أحمد : 1/235 .
[35] الإسراء: 60.
[36] التفسير الكبير: 20/237، الجامع لأحكام القرآن: 10/281 ـ 286، تفسير الآية 60 من سورة الإسراء، روح المعاني، الآلوسي: 15/105 ـ 107، تفسير الآية 60 من سورة الإسراء.
[37] المصدر السابق. وقد جعل الفخر الرازي هذا الخبر عن عائشة دليلاً على صحة تفسير الشجرة الملعونة بالحكم وذريته.
انظر كذلك: المستدرك على الصحيحين للحاكم: 4/481 وصححه، الصواعق المحرقة: 179 ط المحمدية وص108 ط الميمنية بمصر، تطهير الجنان مطبوع ملحقاً للصواعق: 63 ط المحمدية وبهامشها: 144 ط الميمنية، الدر المنثور للسيوطي: 4/191 و 6/41، مقتل الحسين للخوارزمي الحنفي: 1/172، سير أعلام النبلاء: 2/80، اُسد الغابة لابن الأثير: 2/34، الاستيعاب لابن عبد البر، بذيل الإصابة : 1/317 . ط مصر و ج 1 ص 318 والسيرة الحلبية : 1/317، السيرة النبوية لزيني دحلان بهامش السيرة الحلبية: 1/225 و 226 ، الغدير للأميني : 8/245.
[38] قعس ومنه حديث الاُخدود «فتقاعست أن تقع فيها» تقعّس: أي تأخر ومنه حديث الزبرقان «أبغض صبياننا إلينا الاقيعس الذكر» هو تصغير الأقعس. النهاية في غريب الحديث والأثر: 4/87 ـ 88.
[39] وقعة صفين: 217، تحقيق وشرح الاستاذ عبدالسلام محمد هارون طبع مصر.
[40] وقعة صفين: 220 طبعة مصر.
[41] مروج الذهب: 3/14 ـ 16.
[42] راجع تاريخ الطبري: 4/459، الكامل في التاريخ لابن الأثير الجزري الشافعي: 3/206، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي الحنفي: 61 و 64، الإمامة والسياسة لابن قتيبة: 1/49 وفيه (فجر) بدل (كفر) ط مصطفى محمد بمصر، السيرة الحلبية لعلي برهان الدين الحلبي الشافعي: 3/286 ط المطبعة البهية بمصر سنة 1320 هـ  ، ونقله العسكري في كتاب أحاديث أم المؤمنين عائشة ق 1 ص 105 عن: كتاب تاريخ ابن أعثم: 155 ط بمبي فراجع، النهاية لابن الجزري الشافعي: 5/80 تحقيق محمود محمد الطناحي ط دار إحياء التراث العربي في بيروت، تاج العروس من شرح القاموس للزبيدي الحنفي: 8/141، لسان العرب لابن منظور: 14/193، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 2/77 اُفست بيروت على ط 1 بمصر و 6/215 ط مصر بتحقيق محمد أبو الفضل و 2/408 ط مكتبة الحياة في بيروت و2/121 ط دار الفكر.
[43] احياء علوم الدين: 3/133 ـ 135 ط دار الفكر.
[44] الفتاوى الكبرى: 4/220 .
[45] النساء: 93.
[46] النساء: 10.
[47] النساء: 14.
[48] البقرة: 188.
[49] النساء: 30.
[50] مجمع الزوائد: 4/90، وفيه أنه(صلى الله عليه وآله): «لعن الله الخمر وعاصرها وشاربها وساقيها...».
[51] مسند أحمد: 1/317.
[52] السنن الكبرى للنسائي: 3/67.
[53] المستدرك على الصحيحين: 4/153.
[54] صحيح البخاري: 8/15.
[55] صحيح مسلم: 5/50 وفيه «لعن الله آكل الرباوموكله وكاتبه وشاهديه».
[56] مسند أحمد: 1/464 ـ 465.
[57] صحيح البخاري: 4/69 وفيه «المدينة حرام ما بين عاير إلى كذا فمن أحدث حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين».
[58] الصواعق الإلهية في الرد على الوهابية، سليمان بن عبدالوهاب: 86 ـ 88 تحقيق دار الهداية.
[59] آل عمران: 128.
[60] صحيح البخاري: 8/14، ط دار الفكر.
[61] اسد الغابة لابن الأثير: 2/35 ، باب حرف الحاء والكاف، التفسير الكبير للرازي: 20/237 تفسير آية 60 من سورة الإسراء.
[62] الكامل في التاريخ : 3/105 ، قالت: اقتلوا نعثلاً فقد كفر، تاريخ الطبري : 3/12، حوادث سنة 36 هـ .
[63] سنن الترمذي : 5/593 ، كتاب المناقب باب 20 مناقب علي(عليه السلام)، ح 3717.
[64] النور : 7 .
[65] الديوان: 1/384 طبع دار صادر.
[66] الطبري: 3/241، بألفاظه المختلفة، وفي بعضها: «.. وشتم محمد بن طلحة ولعن عبدالله بن الزبير»، الكامل في التاريخ: 3/358 ـ 359، شرح النهج: 1/179 .
[67] مروج الذهب: 2/54.
[68] جامع بيان العلم وفضله: 16/414 ح 45174.
[69] محمد: 22 ـ 23.
[70] نقله ابن حجر في تطهير الجنان واللسان: 50.
[71] خلق أفعال العباد: 20 و (بشر) في الأصل زائدة كما في المصدر (يهودياً أو نصرانياً).
[72] نور الأبصار للشبلنجـي: 199. الأبيات لبكر بن حسّان قال في مطلعها:
قل لابن ملجم والأقدار غالبة***هدمت للدين والإسلام أركاناً
[73] تهذيب التهذيب: 2/360 رقم 608.
[74] النصائح الكافية: 33 ـ 36 ط مؤسسة الفجر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Disqus Shortname

Comments system

Ad Inside Post