الاثنين، 28 سبتمبر 2015

ما معنى الصلاة على النبيّ ؟ وكيف نفهم صلاتنا وصلاة الله عليه ؟



نص الشبهة: 

السؤال : ما هو المقصود بالصلاة على النبيّ ؟ هل هي فعلاً أن نقول : اللهم صلّ على محمد وآل محمّد ؟ لقد بحثت في هذا الموضوع كثيراً ، ولم أجد جواباً مقنعاً لمعنى الدعاء للصلاة على النبي ( غير أنّ ثوابها عظيم ) . مع أنّ الدعاء للصلاة على النبي ( بغضّ النظر عن المعنى ) يبدو أنه ليس في محلّه بعد أن أخبرتنا الآية بأنّ الله يصلّي عليه . ولكم منّا جزيل التقدير والاحترام .

الجواب: 


الجواب : لقد تعرّضنا في الدروس التفسيريّة الأسبوعية لبحث هذا الموضوع ، ويمكن أن أوجز الموضوع كالآتي :
لقد تحدّث التراث الإسلامي عن الصلاة في اللغة ، وأنّها بمعنى الدعاء ، وصار هذا الأمر مشتهراً جدّاً ، وقالوا بأنّ أصل الكلمة بمعنى الدعاء لكنّها تحوّلت ـ عندما جاء الإسلام ـ إلى معنى خاص ، وهو الصلوات التي نمارسها يوميّاً ، ووجهة النظر الراجحة عندي هي لو أخذنا كلمة الصلاة في الجذر اللغوي فهي لا تعني الدعاء ، بل الدعاء أحد مصاديق الصلاة ، وسوف أوضح ذلك قريباً باختصارٍ شديد .
وعلى أساس الفهم المدرسي لكلمة الصلاة بمعنى الدعاء ، أو الفهم البديل عنه ، اختلفوا في معنى الصلاة على النبيّ ، والتي وردت في القرآن الكريم 1 ، وظهرت محاولات تفسيريّة وتحليليّة عدّة أبرزها :
المحاولة التفسيريّة الأولى :
وهي من أشهر المحاولات ، وهي ترى أنّ الصلاة بمعنى الدعاء ، فصلاتنا على النبي بمعنى الدعاء له .
وقد واجهت هذه المحاولة التفسيرية مشكلة مع صدر الآية الكريمة : ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ... 2 ، فإذا كانت الصلاة على النبيّ بمعنى الدعاء فما معنى أن يصلّي الله على النبيّ؟! فهل الله يدعو غيره كما نحن ندعوه بقولنا : اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد؟!
ومن هنا قال أنصار هذه المحاولة التفسيريّة بأنّ استخدام الصلاة على النبي مسندةً إلى الله في صدر الآية هو استخدامٌ مجازي ؛ ويراد منه رحمة الله وعنايته ومغفرته وتزكيته للنبيّ ، وقد ورد هذا التفسير في بعض الروايات أيضاً ، فيصبح المعنى هكذا : إنّ الله يرحم النبي فتوجّهوا أنتم بالدعاء لله تعالى أن يرحم النبيّ .
وهذه المحاولة التفسيريّة جيّدة ، لولا أنّها تعاني من مشكلة عدم انسجام صدر الآية مع ذيلها ، فأنت تقول لشخص : إنّني وأصدقائي نمارس الرياضة فمارس أنت الرياضة ، وهنا من الواضح أنّك تدعوه لما تفعله أنت ، لا أنّك تدعوه لفعلٍ آخر غير فعلك ، مستخدماً التعبير نفسه ، فالآية تقول بأنّ الله يصلّي وملائكته على النبي ، فهلمّوا أيها الناس لتصلّوا عليه أيضاً ، أي لتفعلوا نفس الفعل الذي يفعله الله والملائكة ، فافتراض استخدام كلمة (الصلاة) في آية واحدة ، مرّةً بنحو المعنى الحقيقي وهو الدعاء ، ومرّة أخرى بنحو المعنى المجازي وهو فعل الرحمة والمغفرة والتزكية ـ ضمن سياق من هذا النوع ـ يبدو يعاني من شيء من التنافر أو عدم الوضوح والانسجام ، وهذا ما أحسستم أنتم به أيضاً كما ظهر من سؤالكم .
ولعلّ ما يؤيد ذلك ـ ولا نزعم أنّه دليل قاطع ـ وينفي احتمال الدعاء ، أنّه لو كانت الصلاة بمعنى الدعاء فما معنى تركيب (الصلاة عليه) إلا أن يكون بمعنى الدعاء عليه ، وهو مناقض للتفسير المراد من هذه الكلمة ، ما لم نفسّر الكلمة اختصاراً لجملة : (اللهم صلّ على محمد) ، فاُتي بـ (عليه) للإشارة إلى تركيب هذا الدعاء ، ليس إلا . .
المحاولة التفسيرية الثانية :
وهي ترى أنّ الصلاة في معناها اللغوي تدلّ على ما يخبر عن محبّة الخير للغير ، أو عن تعظيم الغير ، فكلّ ما يُخبر عن محبّة الخير للغير أو تعظيمه ، فهو صلاة عليه ، ومن هنا كان الدعاء من أشهر معاني الصلاة؛ لأنّ الدعاء يخبرنا عن محبّتك للشخص الذي تدعو له ، فأصل الصلاة من الثناء الجميل وإبراز الخير للغير ، ولهذا تشمل في اللغة التحية ، فلو حيّيت شخصاً قالت العرب بأنّك صلّيت عليه ، ولو مدحت شخصاً قالت العرب بأنّك صلّيت عليه؛ لأنّك أحببت له الخير وأبديت له ذلك ، أو لأنّك عظّمته .
وبناءً على هذه المحاولة التفسيريّة ، يصبح معنى الآية على الشكل التالي : إنّ الله وملائكته يبرزون حبّ الخير للنبي ، فتعالوا أيّها الناس لتبرزوا حبّكم الخيرَ للنبيّ وسلامته ، فتمجّدوه وتفضّلوه وترسلوا له الدعاء ، وغير ذلك ، أو إنّ الله وملائكته يعظّمون ويبجّلون هذا النبي فهلمّوا أنتم لتعظيمه وتبجيله ، فيصبح الدعاء مصداقاً من مصاديق إبراز محبّة الخير للنبي ، أو لتعظيمه ، لا أنّه هو معنى الصلاة على النبيّ .
وهذه المحاولة ممتازة ، وترفع الإشكاليّة التي واجهتها المحاولة السابقة ، لكنّها تحتاج لإضافة بسيطة تتعلّق بتفسير الجذر اللغوي لكلمة (صلاة) ، والتمييز بينها في استخداماتها المتعدّدة ، وسوف أشير لبعض ما يطرح في هذا السياق قريباً بعون الله .
المحاولة التفسيريّة الثالثة :
وهو ما ذكره غير واحدٍ من المفسّرين ، منهم العلامة الطباطبائي ، إذ قالوا بأنّ الصلاة في أصل اللغة تعني الانعطاف ، فكلمة : صلّى عليه ، أي انعطف نحوه ، فالله ينعطف نحو العباد ويتوجّه إليهم برحمتهم ومحبّتهم والعناية بهم واللطف بحالهم ، والعباد أيضاً ينعطفون نحو بعضهم بعضاً بالتحيّة والسلام والدعاء والمدح والثناء والشكر والرحمة وتقديم العون وغير ذلك ، وبهذا يصبح معنى الآية الكريمة كالتالي : إنّ الله وملائكته يعطفون نظرهم نحو رسول الله فاعطفوا أنتم نظركم إليه .
وهذه المحاولة كالتي سبقتها ، ممتازة ، ولكن تحتاج إلى تكميل في تحليل الجذر اللغوي للكلمة ، وإلا بدت وكأنّها مجرّد ادّعاء .
المحاولة التفسيريّة الرابعة :
ما يُطرح بوصفه احتمالاً تحليليّاً لغويّاً ، وقبل أن أوضحه عليّ أن أوضح أنّ الباحث اللغوي يشتغل على تحليل الجذر الذي أتت منه الاستخدامات اللغوية لتصريفات الكلمة وتركيباتها ، لا أنّه يتصوّر أنّ الكلمة لها عشرات المعاني لأنّه وجد العرب تستخدمها في عشرات المواضع ، بل هو جذر أو جذرين أو ثلاثة نشأت منهما التصاريف التي تقوم على التشبيهات أو المقاربات أو غيرها ، وهذا ما كان يفعله ابن فارس صاحب معجم مقاييس اللغة ، وفعله السيد المصطفوي في كتاب (التحقيق) المشهور ، فمن يكتشف الأصل اللغوي أو الأصول اللغويّة للكلمة يفهم حينئذٍ استخداماتها بطريقة أفضل .
وهنا يمكنني القول بأنّ علماء اللغة اختلفوا واضطربوا في جذر كلمة الصلاة بين من قال بأنّه (ص ـ ل ـ ي) ومن قال بأنّه (ص ـ ل ـ و) ، فعلى التقدير الأوّل يمكن توحيد أغلب استعمالات الكلمة ، بخلافه على التقدير الثاني ، ولا نريد أن نخوض في البحث اللغوي هنا وأيّ من التقديرين هو الأرجح ، لكن إذا اخترنا الجذر الأوّل ، وافترضنا أنّه صحيح ، فإنّه قد يفسّر لنا مجمل استعمالات هذه الكلمة وأمثالها في اللغة العربيّة ، فهذا الجذر يعني اتصال شيئين ببعضهما وتلازمهما وتحاثّهما ، ومنه قيل في معنى الصلاة : إنّ أصلها بمعنى اللزوم ، كما ذهب إليه الزجاج ، ومنه قيل للفرس الثاني بأنّه المصلى ، أي التالي للفرس الأوّل والمتصل به بلا فاصل فرسٍ آخر بينهما ، (طبعاً هناك مناقشات في الجذر البابلي أو الآرامي أو العبري لهذه الكلمة ، وأنّه انتقل إلى العربيّة) ، فيرجع الجذر إلى مفهوم الوصل والتصلية ، ومن هنا نقول : تصلاه النار ، أي تمسّه وتتصل به ، وبناء عليه يُفترض أنّه لم يوفق من طرح أصلين لهذه الكلمة ، أصل الصلاة بمعنى العبادة ، وأصل الصلاة بمعنى التصلية وما يرتبط بالنار؛ لأنّه ميّز بين الجذر اليائي والواوي هنا ، فإذا اخترنا وحدة الجذر وأنّه اليائي ، فسيصبح من الأرجح أنّ الأصل واحد ، وهو الوصل والاتصال ، واُلبست التصاريف والإضافات التركيبيّة له ، والتشديد في (صلّى) لإفادة الربط؛ فكأنّه بالصلاة وصل شيئاً بشيء آخر وجعلهما يتصلان .
وإذا وحّدنا في التحليل اللغوي كلّ استخدام (ص ـ ل ـ ي) ، بهذه الطريقة ، فسوف تعني كلمة (الصلاة) في دلالتها اللغوية العامّة حصول اتصال بين شخصين أو طرفين . وهنا نأتي لتطبيق هذا المعنى اللغوي العام على تركيبتها التي تكون من خلال تصريفات الفعل تارةً أو الإضافات التي تلحق الفعل مثل : (صلّى إلى) و (صلّى على) وغير ذلك تارةً أخرى .
فإذا أتينا إلى تعبير : (صلّى له) ، كان معنى ذلك أنّه فَعَلَ فِعْلَ الوصلِ والاتصال ، وكان ذلك لأجل الآخر ، فالآخر هو غاية الفعل وطرفه وهدفه .
وإذا أتينا إلى تعبير : (صلّى عليه) ، كان المعنى اتصل به لكن كان الاتصال نازلاً على الآخر ، فإضافة (على) تشير إلى صبّ الصلة على الآخر ، بينما (صلّى له) ، تشير إلى تساوي الطرفين أو كون الطرف الآخر أعلى من الطرف الأوّل ، وكون الغاية هو الآخر ، ويكون الفرق أنّه في (صلّى له) : أي جعل الصلة مقدَّمةً له وهو غايتها ، تماماً كتقديمك هديّةً لشخص ، فأنت تصله أو تحقّق الصلة به وله ، أمّا في (صلّى عليه) فأنت تجعل صلتك نازلةً عليه ، مثل الصدقة تُعطى للفقير .
ومن هنا ، فعندما نربط كلمة (الصلاة) بكونها فعلاً صدر منّا تجاه الله لنتقرّب نحن به إلى الطرف الآخر ونستفيد نحن من هذه القربة ، كان المعنى (صلّى له وإليه) ، فأنا حقّقت الاتصال لأجله ولغايته ، وعندما يتصل هذا المعنى بشأن عبادي فسوف يدلّ على مطلق الطقس العبادي الذي يكون لأجل الاتصال بالله تعالى ، ومن هنا فكلمة (الصلاة) في اللغة عندما ترتبط بالله تعالى من طرف العبد لا تعني الصلاة الإسلاميّة خاصّة ولا تعني الدعاء ، بل تعني مطلق الفعل الطقسي الرمزي العبادي الذي يهدف للاتصال بما هو أعلى ، بهدف التقرّب إليه وكسب وُدّه واعتباره غاية لذلك ، لا بهدف إنزال الخير عليه ، ومن هنا استخدم القرآن كلمة (الصلاة) في السور المكيّة والمدنية معاً ، دون أن تعني الكلمة حصول انتقال لغوي ، بل استخدمها بمعناها الحقيقي في جميع الديانات ، ولهذا أنت تقول : المسيحي يصلّي في الكنيسة ، ولا تقصد بذلك معنى مجازياً ، بل هو معنى حقيقي ، والعرب كانت تستخدم الصلاة قبل الإسلام بهذا المعنى على كلّ فعل عبادي طقسي رمزي له أداء بدني عادةً ، والقرآن استخدم الكلمة بهذا المعنى عندما أطلقها على الأنبياء السابقين .
أمّا (الصلاة على) فهي تنزيل الرحمة والخير والبركة أو تنزيل إبرازهما أو تنزيل العطف ـ ما شئت فعبّر ـ على شخص آخر ، فعندما يصلّي الله على النبي فهو ينزل خيره عليه ، وكذلك عندما يصلّي الملائكة فهم ينزلون الخير على محمّد ، أمّا عندما يصلّي المؤمنون على النبي ، فقد استصعب العلماء أن يكون ذلك بنفس المعنى ، ولهذا افترضوا أنّه دعاء لينزل الله خيره على النبي ، مع أنّه لا ضرورة لذلك ، بل نحن أيضاً نرسل له الخير ، تعبيراً عن الشكر وأقلّ الجزاء لما فعل ، عرفاناً منّا بجميله ، فكلّ ذكر له وإحياء لأمره ودعاء له ورفع اسمه وذكره في الأذان والإقامة والتشهّد ، وبيان فضائله ومحاسنه ، ونشر دينه وتعاليمه ، وإلقاء السلام عليه ، والاهتمام به ، وحسن الخلق معه ، ذلك كلّه هو صلاةٌ على النبي ، وليست الصلاة المعروفة اليوم إلا مصداقاً بارزاً من مصاديق صلتنا للنبي ، فنحن نتوجّه بالدعاء لله أن ينزل عليه خيره ، وبنفس دعائنا هذا نحن نقدّم هديّةً للنبيّ يستفيد هو منها ، فصلاة المؤمنين على النبي ـ مثل شكره وذكره ورفع اسمه والدعاء له وغير ذلك ـ هو عطاء وخير يصل النبي ويقدّمه المؤمنون له ولاسمه في الدنيا ، فكلّ سلام على النبي وكلّ ذكر له بالخير وكلّ شكر له على جهوده ، وكلّ نشرٍ لمحاسنه وفضائله ، وكلّ إبرازٍ لمحبّته ، وكلّ دعاء له ، وكلّ حفظ له في أهل بيته ، وغير ذلك ، هو صلاة وعطاء نقدّمه نحن للنبيّ تعبيراً عن حبّنا وشكرنا واحترامنا له ، فنحن ممّن يُبقي ذكره في الأرض بأمرٍ من الله ، ومن خلال المؤمنين يبقى ذكره وتبقى مكانته عاليةً بين البشر ، فهي هدية نتقدّم بها إليه .
وبهذا تصبح هذه المحاولة التفسيرية مكمّلةً للمحاولة التفسيرية الثانية والثالثة المتقدّمتين ، فإبراز المحبّة أو التعظيم إنمّا سمّي صلاةً؛ لأنّه صلة نقدّمها له وعطاء نبرزه أمامه ، عرفاناً بجميله ، والانعطاف إنّما سمي صلاةً لأنّك بانعطافك نحو الشخص تلقي عليه اهتمامك وسلامك وعنايتك ، فالتفاسير الثلاثة الأخيرة كلّها صحيحة لو التأمت لتكوّن تفسيراً حاسماً ، وبه يتمّ تفسير مختلف الاستخدامات اللغوية لكلمة الصلاة عند العرب إلا ما شذّ ، ويكون معنى الآية حينئذٍ كالتالي : إنّ الله وملائكته يقدّمون عنايتهم وصلتهم وعطاءهم ومحبّتهم ورحمتهم وخدماتهم للنبيّ ، فهلمّوا أيها الناس ويا من تؤمنون بالله ورسوله لكي تقدّموا أنتم أيضاً كلّ صلة للنبيّ وعطاء ومحبّة ، فاذكروه ، واعلوا اسمه ، وارفعوا دعوته ، وأعلنوا الشكر الدائم له ، وتوجّهوا بالدعاء إلى الله لأجله ، ومجّدوه في الأرض ، واثنوا عليه ، ولا تقصّروا في أداء حقوقه إليه ، بأيّ شيء يمكنكم أن تقدّموه له ، وتحفظوه في أسرته وأهل بيته وغير ذلك . ولعلّ من مؤيّدات ذلك هو الآية اللاحقة ، فقد جاء سياق الآيات على الشكل التالي : ﴿ إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا * إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا 3 ، فالصلاة على النبي قد يستوحى هنا أنّها تقف في مقابل أذيّته .
أعتقد أنّ هذا المعنى ـ نتيجة التحليل اللغوي هذا ، والمبني على فرضيّة الجذر اليائي للكلمة ـ منسجم وعام جداً ، ويُطرح بوصفه احتمالاً لغويّاً يستحقّ التأمّل والترجيح ، وعليه ، ستصبح الصلاة المعروفة على النبي (اللهم صلّ على محمّد) بصيغها المتعدّدة ، مصداقاً للصلاة على النبيّ ، لكنّها ليست المصداق الحصري ، فكأنّها صارت رمزاً موضوعاً في الشرع من رموز ذلك ، وإلا فمطلق الدعاء للنبيّ هو صلاة عليه أيضاً ، والله العالم .
هذه أبرز الاحتمالات التفسيريّة في موضوع صلاة الله والمؤمنين على النبيّ ، ولعلّ الراجح ـ بنظري القاصر ـ هو التفسير المركّب من التفاسير الثلاثة الأخيرة كما أوضحنا ، لكنّ الأمر يحتاج ـ قبل البت بالموضوع ـ لمزيد دراسة متأنّية جدّاً في التحليل اللغوي للجذر اليائي والواوي للكلمة ، فحسمه ليس بسيطاً ، ونحن نتركه لمناسبة أخرى .
اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد ، وبارك على محمّد وآل محمّد ، وترحّم على محمّد وآل محمّد ، وتحنّن على محمّد وآل محمّد . . كما صلّيت وباركت وترحّمت وتحنّنت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين ، إنّك حميد مجيد 4 .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Disqus Shortname

Comments system

Ad Inside Post