الشواهد التاريخية الدالة على وجود الإمام المهدي(عليه السلام)
وهذه ناحية واسعة تظافرت عليها أرقام تاريخية كثيرة جداً نصنفها في عدّة نقاط:
1 ـ شهادة الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) بولادة ابنه الإمام المهدي(عليه السلام)
وفي ذلك أحاديث كثيرة نقلها أثبات الشيعة ورواتهم، ننقل منها:
الحديث المروي عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن اسحاق،عن أبي هاشم الجعفري، قال: «قلت لأبي محمد (عليه السلام): جلالتك تمنعني من مسألتك، فتأذن لي أن أسألك؟ فقال: سَلْ. قلت: يا سيدي هل لك ولد؟ فقال: نعم»[34] .
1 ـ شهادة الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) بولادة ابنه الإمام المهدي(عليه السلام)
وفي ذلك أحاديث كثيرة نقلها أثبات الشيعة ورواتهم، ننقل منها:
الحديث المروي عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن اسحاق،عن أبي هاشم الجعفري، قال: «قلت لأبي محمد (عليه السلام): جلالتك تمنعني من مسألتك، فتأذن لي أن أسألك؟ فقال: سَلْ. قلت: يا سيدي هل لك ولد؟ فقال: نعم»[34] .
وفي هذا الحديث الكفاية سنداً ودلالة، فهذه كتب الرجال تشهد بجلالة محمد بن يحيى أبي جعفر العطار القمّي الذي لا زال قبره الى الآن معروفاً ومشهوراً يزار، وتشهد لعلو مكانة أحمد بن اسحاق بن عبدالله بن سعد بن مالك بن الأحوص الأشعري أبي علي القمّي، عند الإمام الحسن العسكري(عليه السلام)، وتشهد أيضاً لمنزلة داود بن القاسم بن اسحاق بن عبدالله بن جعفر بن أبي طالب أبي هاشم الجعفري.. ثمّ انظر قلّة الوسائط في إسناد هذا الحديث، الذي يُعبر عن أمثاله بقرب الإسناد الذي يعتبر من الشواهد المؤيدة للحديث.
2 ـ شهادة القابلة
وهي اُخت إمام، وعمة إمام، وبنت إمام، العلوية الطاهرة حكيمة بنت محمد الجواد، واُخت الإمام الهادي، وعمة الإمام العسكري، حيث صرّحت بمشاهدة ولادة الإمام الحجة (عليه السلام)ليلة مولده[35]، وهي التي تولّت أمر نرجس والدة الإمام الحجة(عليه السلام)، وبإذن من أبيه الحسن العسكري(عليهما السلام)[36] .
3 ـ عشرات الشهادات برؤية الإمام(عليه السلام)
وهنا قائمة طويلة من الأسماء، ممن رأى الإمام المهدي واتّصل به وشهد برؤيته إياه، سجلتها المصادر التاريخية، وجمعها بعض المصنفين في مصنفات خاصة، مثل: (كتاب تبصرة الولي فيمن رأى القائم المهدي) للسيد هاشم البحراني ذكر فيه (79) شخصاً شهد برؤية الإمام(عليه السلام) في طفولته أو في غيبته الصغرى، وذكر أسماء المصادر التي اعتمد عليها في ذلك، وأحصى الشيخ أبو طالب التجليل التبريزي زهاء (304) أشخاص ممن رأى الإمام(عليه السلام) ، وشهد به[37]. وأحصى الشيخ الصدوق ـ المتوفى سنة ( 381 هـ ) وعهده بغيبة الإمام المهدي(عليه السلام) قريب جداً ـ (64) شخصاً شهد برؤية الإمام(عليه السلام) وكان كثير منهم وكلاء له[38]، وهم من مدن شتى.
فمن وكلاءه: من أهل أذربيجان: القاسم بن العلاء. ومن الأهواز: محمد بن إبراهيم بن مهزيار. ومن بغداد: حاجز البلالي، وعثمان ابن سعيد العمري، ومحمد بن عثمان بن سعيد العمري، والعطار. ومن الكوفة: العاصمي. ومن قم: أحمد بن إسحاق. ومن نيسابور: محمد بن شاذان. ومن همدان: البسامي، ومحمد بن أبي عبدالله الكوفي الأسدي، ومحمد بن صالح.
أمّا من رآه(عليه السلام) من غير الوكلاء، منهم: من أهل اصفهان: ابن باشاذاله. ومن الأهواز: الحصيني. ومن بغداد: أحمد بن الحسن، وإسحاق الكاتب من بني نوبخت، وأبو عبدالله الخيبري، وأبو عبدالله بن فروخ، وأبو عبدالله الكندي، وأبو القاسم بن أبي حليس، وأبو القاسم بن دبيس، ومسرور الطباخ مولى أبي الحسن(عليه السلام)، والنيلي، وهارون الفزاري. ومن الدينَوَر: أحمد ابن أخي الحسن بن هارون، وعمه الحسن بن هارون. ومن الري: أبو جعفر الرفّاء، وعليّ بن محمد، والقاسم بن موسى، وابن القاسم بن موسى، وأبو محمد بن هارون، ومحمد بن محمد الكليني. ومن قزوين: عليّ بن أحمد، ومرداس. ومن قم: الحسن بن النضر، والحسين بن يعقوب، وعليّ بن محمد بن إسحاق، ومحمد بن إسحاق، ومحمد بن محمد. ومن مصر: أبو رجاء. ومن نصيبين: أبو محمد بن الوجناء النصيبي. ومن همدان: جعفر بن حمدان، ومحمد بن كشمرد، ومحمد بن هارون. ومن اليمن: ابن الأعجمي، والجعفري، والحسن بن الفضل ابن يزيد، وأبوه الفضل بن يزيد، والشمشاطي. كما ذكر أيضاً من رآه من أهل شهرزور، والصيمرة، وفارس، وقابس ومرو.
فهل يعقل اتفاق هؤلاء جميعاً وتواطؤهم على الكذب؟ وفيهم اثبات ثقات صرحت كتب الرجال بتوثيقهم؟
4 ـ تعامل السلطة العباسية مع الحدث
لقد تعاملت السلطة العباسية بعد وفاة الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) مع عائلته تعاملاً يدل على خيفتها من مولود خطير خفي عنها، فراحت تبحث عنه بكل ما اُوتيت من وسيلة وقدرة، حيث أمر المعتمد العباسي المتوفى سنة (279 هـ ) شرطته بتفتيش دار الإمام الحسن العسكري تفتيشاً دقيقاً والبحث عن الإمام المهدي(عليه السلام)، وأمر بحبس جواري أبي محمد(عليه السلام)، واعتقال حلائله يساعدهم على ذلك جعفر الكذّاب، وأجرى على مخلّفي أبي محمد(عليه السلام)بسبب ذلك كلّ عظيمة، من اعتقال، وحبس وتهديد، وتصغير، واستخفاف وذلٍّ[39].
كلّ هذا والإمام المهدي(عليه السلام) في الخامسة من عمره، ولا يهم المعتمد العمر بعد أن عرف أ نّ هذا الصبي هو الإمام الذي سيهد عرش الطاغوت لما شاع وانتشر من الخبر، بأنّ ثاني عشر أهل البيت(عليهم السلام) سيملأ الدنيا قسطاً وعدلاً بعدما ملئت ظلماً وجوراً، فكان موقفه من المهديّ، كموقف فرعون من موسى(عليه السلام) الذي ألقته اُمّه ـ خوفاً عليه ـ في اليمّ صبياً.
ولم يكن المعتمد العباسي وحده قد عرف هذه الحقيقة، وإنّما عرفها من كان قبله كالمعتز، والمهتدي، ولهذا كان الإمام الحسن العسكري(عليه السلام) حريصاً على أن لا ينتشر خبر ولادة الإمام المهدي إلاّ بين أفراد منتخبين من شيعته ومواليه.
لقد كان تصرّف السلطة كاشفاً عن أ نّها وسائر الناس قد أدركوا تماماً أنّ حديث جابر بن سمرة لا ينطبق عليهم ولا على من سبقهم من الاُمويين، وإنّما مصداقه الوحيد هم أهل بيت النبوّة، ومهبط الوحي والتنزيل.
وإلاّ فأيّ خطر يهدد كيانهم في طفل لم يتجاوز عمره خمس سنين، لو لم يعتقدوا أ نّه هو المهدي المنتظر الذي تحدثت عنه الأحاديث المتواترة؟! يقول أحد الباحثين: ولو لم يكن مولوداً حقاً فما معنى حبس الجواري وبث القابلات لتفتيش من بهنّ حمل، ومراقبتهنّ مدة لا تصدّق، إذ بقيت إحداهنّ تحت المراقبة لمدة سنتين! كلّ هذا مع مطاردة أصحاب الإمام العسكري(عليه السلام)والتشنيع عليهم، مع بث العيون للتجسّس عن خبر المهدي(عليه السلام)، وكبس داره بين حين وآخر؟
ثم ما بال السلطة لم تقتنع بما زعمه جعفر من أنّ أخاه(عليه السلام)مات ولم يخلّف؟
أما كان بوسعها أن تعطيه حقّه من الميراث وينتهي كلّ شيء من غير هذا التصرُّف الأحمق الذي يدلّ على ذعرها وخوفها من ابن الحسن عجل الله تعالى فرجه الشريف؟!
نعم، قد يقال بأنّ حرص السلطة على إعطاء كل ذي حقٍّ حقه هو الذي دفعها الى التحري عن وجود الولد لكي لا يستقل جعفر بالميراث وحده بمجرد شهادته!
فنقول: ليس من شأن السلطة الحاكمة آنذاك أن تتحرّى عن هذا الأمر بمثل هذا التصرّف المريب، بل كان على الخليفة العباسي أن يحيل دعوى جعفر الكذاب الى أحد القضاة، لا سيّما وأنّ القضية من قضايا الميراث التي يحصل مثلها كلّ يوم مرات، وعندها سيكون بوسع القاضي أن يفتح محضراً تحقيقياً، فيستدعي مثلاً عمة الإمام الحسن العسكري(عليه السلام)، واُمه، وجواري الإمام ، والمقربين الى الإمام الحسن العسكري من بني هاشم، ثمّ يستمع الى أقوالهم، ويثبت شهاداتهم، ثمّ ينهي كل شيء، ولكن وصول هذه القضية الى أعلى رجل في السلطة، وبهذه السرعة ولمّا يدفن الإمام الحسن العسكري(عليه السلام)، وخروج القضية عن دائرة القضاء مع أ نّها من اختصاصاته، ومن ثم تصرف السلطة الغاشمة على نحو ما مرّ، كل ذلك يقطع بأنّ السلطة كانت على يقين بأن المهدي الموعود هو الحلقة الأخيرة من حلقات السلسلة المطهّرة التي لا يمكن أن تنقطع بموت الإمام الحادي عشر(عليه السلام)، خصوصاً بعد أن تواتر لدى الجميع قوله(صلى الله عليه وآله): «وإنّهما ـ أي: الكتاب، والعترة ـ لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض» ومعنى عدم ولادة المهدي(عليه السلام)، أو عدم استمرار وجوده، انقراض العترة، وهذا ما لا يقوله أحد ممّن تسمى (بإمرة المؤمنين) من العباسيين; لأ نّه تكذيب لنبيّنا الأعظم(صلى الله عليه وآله)، بل لا يقوله أحد من المسلمين إلاّ من هان عليه أمر هذا التكذيب، أو من خدع نفسه بتأويل حديث الثقلين وصرف دلالته الى ما لم يأت به سلطان مبين»[40].
5 ـ اعترافات علماء السنّة بولادة الإمام المهدي(عليه السلام)
قال السيد ثامر العميدي في هذا الصدد:
«بلغت اعترافات الفقهاء، والمحدثين، والمفسرين، والمؤرخين، والمحققين، والاُدباء، والكتّاب من أهل السنّة أكثر من مائة اعتراف صريح بولادة الإمام المهدي(عليه السلام)، وقد صرح ما يزيد على نصفهم بأنّ الإمام محمد بن الحسن المهديّ عجل الله تعالى فرجه الشريف، هو الإمام الموعود بظهوره في آخر الزمان.
وقد رتّبت هذه الاعترافات بحسب وفيات أصحابها، فوجدتها متصلة الأزمان، بحيث لا تتعذر معاصرة صاحب التصريح اللاحق، لصاحب التصريح السابق، وذلك ابتداءً من عصر الغيبة الصغرى الى وقتنا الحاضر، وسوف نذكر أقوال بعضهم التي وقفت عليها في مصادرهم ريثما يأتي دورهم، مع الاكتفاء بذكر اسماء الآخرين فقط دون التعرض لأقوالهم; لتعذر تسجيلها في هذا الفصل، حيث بلغت أقوال تسعة وعشرين واحداً منهم في كتاب إلزام الناصب ما يزيد على مائة صحيفة[41]، فكيف الحال مع تسجيل أقوالهم كلّهم؟ على أنّ ما سنذكره في المتن دون الإشارة الى مصدره في الهامش، هو دليل أخذنا ذلك من كتب الشيعة الإمامية التي سبقت الى هذا المجال مع اعتنائها بتسجيل رقم الجزء، ورقم الصحيفة مع مكان وسنة الطبع; ولعلّ من أوسعها في هذا الباب كتاب «المهديّ المنتظر في نهج البلاغة» للشيخ مهديّ فقيه إيماني، حيث ذكرفيه مائة ورجلين من رجالات أهل السنّة الذين اعترفوا بذلك[42]، مكتفياً بذكر أسمائهم ومصادرهم بأجزائها وصحائفها دون التعرّض لأقوالهم، وربما اضطرّ الى تعيين واسطته اليهم بدقة، وقد فاته ما يقرب من ثلاثين اسماً، وكان جلّ اعتمادنا عليه، ولم نستدرك عليه شيئاً ; لأنّ ما فاته سبقني اليه غيري[43]، حتى عاد دوري في هذا الدليل مقتصراً على الجمع والترتيب بحسب القرون»[44].
ثم ذكر أسماء (128) مصنفاً من مصنفات أهل السنّة ذكر الإمام المهدي في كتاب من كتبه بعنوان: الإمام الثاني عشر من أئمة أهل البيت(عليهم السلام) .
منهم من عاصر الميلاد والغيبة الصغرى، ولشهادات هؤلاء قيمتها التاريخية المعروفة، ومن بينهم:
1 ـ أبو بكر الروياني ، محمد بن هارون (المتوفّى سنة 307 هـ ) في كتابه (المسند).
2 ـ أحمدبن إبراهيم بن علي الكندي، من تلامذة ابن جرير الطبري المتوفى سنة (310 هـ ).
3 ـ محمّد بن أحمد بن أبي الثلج ، أبو بكر البغدادي (المتوفّى سنة 322 هـ ) في (مواليد الأئمة) وهو مطبوع ضمن كتاب (الفصول العشرة في الغيبة) للشيخ المفيد، ومع كتاب (نوادر الراوندي) ط النجف الأشرف سنة (1370 هـ ) وممّن هو قريب العهد به من الأعلام الكبار: الخوارزمي (المتوفّى سنة 387 هـ ) في (مفاتيح العلوم: 32 ، 33) طبعة ليدن ـ 1895 م.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق