الاثنين، 28 سبتمبر 2015

سند بعض الأدعية والزيارات



نص الشبهة: 

في هجمة عنيفة على معتقداتنا وموروثاتنا والتشكيك فيها من قبل السلفيين والنواصب ، وأخرى من قبل بعض من يدعي التشيع ، فالشيعي وخصوصا في بلاد الغربة لايستطيع مقاومة ذلك :
أولاً : لعدم توفر المصادر التي يستقي منها معلوماته .
وثانياً : لضخامة الهجمة التي تواجههه ، خصوصاً وأن خطورة الذين يدعون التشيع أكبر من خطورة السلفيين والنواصب ؛ لأنّ هؤلاء يقومون بين فترة وأخرى بزيارات لهذه البلاد ، ويحاضرون في الحسينيات والمساجد والمراكز الشيعية ، أو يأتي من ينوب عنهم ، ليقوم بدور التشكيك بكل شيء بلغة شيعية ، وبروايات عن أئمة أهل البيت عليهم السلام ، ومن أبرز هذه الإشكالات التشكيك بالزيارات والأدعية ، لذا نرجو من سماحتكم توضيح فيما إذا كانت روايات كل من :

1ـ زيارة عاشوراء .
2ـ زيارة الجامعة الكبيرة .
3ـ زيارة الناحية المقدسة .
4ـ زيارة وارث .
5ـ دعاء التوسل .
6ـ دعاء السمات .
7ـ دعاء الندبة .
8ـ دعاء العهد .
9ـ دعاء الفرج .
هل أنّ مسانيد هذه الزيارات والأدعية تصل إلى المعصومين ، وهل أنّ في سندها ضعف ؟ نرجو إن أمكنكم التعرض لكل زيارة ودعاء بشكل منفصل ، وذكر أسانيدها ، وهل هناك تواتر أم ضعف في سندها ؟ وفقكم الله لكل خير ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

الجواب: 

قبل الخوض في الإجابة عن السؤال لا بدّ أن يلتفت الأخوة إلى النقاط التالية :
1 ـ إنّ مضامين الزيارات والأدعية المدرجة في السؤال لا يقتصر ورود مضمونها على تلك الزيارات والأدعية ، فهناك العديد من الزيارات الأخرى والأدعية الأخرى بأسانيد أخرى قريبة المضمون معنىً ولفظاً لقطعات من الاُولى ، كما أنّ هذه الزيارات والأدعية قد ورد كثير من مضامينها في الروايات الواردة في المعارف ، وهي في كثير من طوائفها مستفيضة بل بعضها متواتر معنوي أو إجمالي ، وعلى هذا فالدغدغة في أسانيد هذه الزيارة أو تلك أو هذا الدعاء وذاك ، تنطوي على عدم إلمام بهذه الحقيقة العلمية المرتبطة بعلم الحديث والرواية .
2 ـ إنّ الزيارات والأدعية ليست معلماً عبادياً ، بحتا بل هي معلماً علميا ومعرفياً مهم للدين ، فهي عبادة علمية ، ومن ثمّ تنطوي هي على معارف جمّة ، وتكون بمثابة تربية علمية في ثوب العبادة ، ومن المعلوم إنّ أفضل العبادات هي عبادة العالم ، والعبادة العلمية أي : المندمجة مع العلم ، وهكذا الحال في هذه الزيارات والأدعية ، وبذلك يتبين أنّ ما وراء التشكيك والمواجهة للزيارات والأدعية هو تشكيك ومواجهة للمعارف .
3 ـ إنّ هذه الزيارات والأدعية كفى بها اعتماداً ، مواظبة أكابر علماء الطائفة الإمامية على اتيانها في القرون المتلاحقة ، وهذا بمجرده كاف للبصير بحقانية المذهب وعلمائه في توثيق هذه الزيارات والأدعية .
1 ـ أمّا زيارة عاشوراء :
فقد رواها الشيخ الطوسي ، شيخ الطائفة ، في كتابه المعتمد لدى الطائفة الإمامية وعلماءها ـ مصباح المتهجد ـ عن محمّد بن إسماعيل بن بزيع ـ الذي هو من أصحاب الرضا عليه السلام الأجلّاء الفقهاء وعيون أصحابه .
وطريق الشيخ إلى بن بزيع صحيح ، كما ذكر ذلك في الفهرست والتهذيب والذي يروي الزيارة عن عدة طرق عن الصادق والباقر صلى الله عليه وآله .
فقد رواها عن صالح بن عقبة ، عن أبيه ، عن الباقر عليه السلام .
وعن سيف بن عميرة ، عن علقمة بن محمّد الحضرمي ، عن الباقر عليه السلام .
وعن سيف بن عميرة ـ الذي هو من الثقات الأجلّاء ـ عن صفوان بن مهران الجمّال ـ والذي هو من الثقات الأجلاء المعروفين ـ عن الصادق عليه السلام .
وعن محمّد بن خالد الطيالسي . فإسناد الشيخ إليها صحيح .
وقد رواها قبل الشيخ الطوسي ، شيخ الطائفة ابن قولويه استاذ الشيخ المفيد في كتابه المعتمد لدى علماء الإمامية كامل الزيارات ـ باسنادين معتبرين عن كل من : محمّد بن خالد الطيالسي ، وابن بزيع ، عن الجماعة المتقدمة فاسناده صحيح .
كما قد رواها الشيخ محمّد بن المشهدي في كتابه المعروف المزار الكبير ، وهو من أعلام الطائفة الإمامية في القرن السادس ، بسنده .
وقد رواها السيد ابن طاووس في كتابه مصباح الزائر باسناده ، وهو من أعلام القرن السابع .
وقد رواها أيضاً الكفعمي في كتابه المصباح ، وهو من أعلام القرن العاشر .
2 ـ أمّا زيارة الجامعة الكبيرة :
فقد رواها الشيخ الصدوق في كتابه المشهور من لا يحضره الفقيه ، و كتابه عيون أخبار الرضا عليه السلام باسانيد فيها المعتبر ، عن محمّد بن إسماعيل البرمكي الثقة الجليل ، عن موسى بن عمران النخعي ، وهو قرابة الحسين بن يزيد النوفلي ، وهو ممّن وقع كثيراً في طريق رواية المعارف عن الأئمة التي اوردها الكليني في أصول الكافي ، والصدوق في كتبه كالتوحيد وإكمال الدين والعيون وغيرها ، وكلها ممّا اشتملت على دقائق وأصول معارف مدرسة أهل البيت ، فيستفاد من ذلك علو مقام هذا الرواي .
وتوجد لدي رسالة مستقلة في أحواله واساتذته وتلاميذه وتوثيقه وجلالته ليس في المقام مجالا لذكرها .
وقد روى الشيخ الطوسي في كتابه المعتمد ( التهذيب ) هذه الزيارة باسناده الصحيح عن الصدوق أيضاً .
كما قد روى هذه الزيارة الشيخ محمّد بن المشهدي في كتابه المعتمد ( المزار الكبير ) باسناده الصحيح عن الصدوق ، وهو من أعلام الإمامية في القرن السادس .
وقد رواها أيضاًالكفعمي في البلد الأمين .
وكذا المجلسي في البحار .
ثمّ أنّ مضأمين هذه الزيارة قد وردت بها الروايات المستفيضة والمتواترة عن أهل البيت عليهم السلام الواردة في فضائلهم ومناقبهم ، وكذلك في روايات العامة الواردة في فضائلهم ؛ فلاحظ وتدبّر .
3 ـ أمّا زيارة الناحية المقدسة :
فتوجد زيارتان عن الناحية المقدسة :
الاُولى : المذكور فيها التسليم على أسماء الشهداء رضوان الله تعالى عليهم ، وقد رواها المفيد في مزاره ، و الشيخ محمّد بن المشهدي ، الذي هو من أعلام القرن السادس باسناده ، عن الشيخ الطوسي باسناده ، عن وكلاء الناحية المقدسة في الغيبة الصغرى .
و رواها أيضاً السيد ابن طاووس في ( مصباح الزائر ) وفي ( الاقبال ) باسناده إلى جده الشيخ الطوسي باسناده إلى الناحية المقدسة .
و رواها المجلسي في البحار .
أمّا الثانية : وهي المعروفة ؛ فقد رواها الشيخ المفيد في مزاره ، والشيخ ابن المشهدي في المزار الكبير ، والمجلسي في بحاره ، والفيض الكاشاني في كتابه ( الصحيفة المهدوية ) . وهي وإن كانت مرسلة الاسناد إلا أنّه اعتمدها كل من : الشيخ المفيد وابن المشهدي .
4 ـ أمّا زيارة وارث :
فقد رواها الشيخ الطوسي في مصباح المتهجد بسند صحيح عن ابن قضاعة ، عن أبيه ، عن جده صفوان بن مهران الجمال ، عن الصادق عليه السلام ؛ فالسند صحيح . وهناك مصادر اُخرى اكتفيت بالاشارة إلى أحدها .
5 ـ أمّا دعاء التوسل :
فقد أخرجه العلامة المجلسي عن بعض الكتب ، وقد وصفها بالمعتبرة ، وقد روى صاحب ذلك الكتاب الدعاء عن الصدوق قدس سره ، وقال : ما توسلت لأمر من الاُمور إلا ووجدت أثر الإجابة سريعاً  .
ثمّ إنّ مضمونه يندرج في عموم قوله تعالى : ﴿ ... ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ... 1 .
وقوله تعالى : ﴿ ... وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ ... 2 .
وقوله تعالى : ﴿ ... قُلْ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِي الْقُرْبَىٰ ... 3 .
وقوله تعالى : ﴿ ... مَا سَأَلْتُكُمْ مِنْ أَجْرٍ فَهُوَ لَكُمْ ... 4 .
وقال : ﴿ قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِلَّا مَنْ شَاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلَىٰ رَبِّهِ سَبِيلًا 5 .
فبضم هذه الآيات إلى بعضها البعض يعلم أنّهم عليهم السلام السبيل والمسلك والوسيلة إلى رضوانه تعالى .
6 ـ أمّا دعاء السمات :
فقد رواه الشيخ الطوسي شيخ الطائفة الإمامية في كتابه المعتمد لدى علماء المذهب ( مصباح المتهجد ) ، عن العمري النائب الخاص للحجة ( عجل الله تعالى فرجه ) . وذكر السيد ابن طاووس في ( جمال الإسبوع ) قبل أن يورد الدعاء أن الشيخ : روى الدعاء في مصباحه بروايتين واسنادين . وظاهر كلامه عن نسخة المصباح التي لديه أن هذا الدعاء : معطوف اسناده على الدعاء السابق . وقد رواه الشيخ بسند صحيح عال ، وهو محتمل بحسب النسخ التي لدينا ، بل ان ابن طاووس كل نسخه مسندة مصححة لقرب عهده بالشيخ الطوسي الذي هو جده قدس سرهما . ومن ثمّ عبّر الشيخ عباس القمّي  في ( مفاتيح الجنان ) عن الدعاء أنّه : مروي باسناد معتبر . وهو كذلك ؛ لأنّ ابن طاووس أشار أيضاً إلى وجود أسانيد اُخرى سيشير إليها في كتبه الأخرى ، وكما قال غير واحد : قد واظب عليه أكثر علماء السلف :
7 ـ أمّا دعاء الندبة والعهد والفرج :
فقد رواها السيد ابن طاووس في ( مصباح الزائر ) عن بعض الأصحاب ، و رواه قبله ـ بما يزيد على القرن ـ الشيخ ابن المشهدي في كتابه ( المزار الكبير ) باسناده ، عن محمّد بن أبي قرة ، عن محمّد بن الحسين البزوفري . وقد رواه ابن طاووس في ( الإقبال ) أيضاً ، ورواه المجلسي في ( البحار ) و ( زاد المعاد ) ، والميرزا النوري في ( تحفة الزائر ) و الفيض الكاشاني في ( الصحيفة المهدوية ) .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

Disqus Shortname

Comments system

Ad Inside Post