
الشبهة الرابعة: لما ذا لم يبايع الناس عليّاً(ع) ؟ شبهة ابن روزبهان في عدم بيعة الصحابة لعليعليه السلام:
قال الفضل بن روزبهان رادّاً علي الحلّي أما ما ذكر من إجماع المفسّرين على أنّ الآية نزلت في علي والمراد قوله تعالي وبلغ ما انزل اليك. فهو باطل فإنّ المفسّرين لم يجمعوا على هذا ، وأما ما روي من أن رسول اللّه ( ص ) ذكره يوم غدير خم أخذ بيد علي وقال : ألست أولى ، فقد ثبت هذا في الصحاح، وقد ذكرنا سرّ هذا في ترجمة كتاب كشف الغمّة في معرفة الأئمّة.
ومجمله : أن واقعة غدير خم كان في مرجع رسول اللّه ( ص ) عامّ حجّة الوداع وغدير خمّ محل افتراق قبايل العرب وكان النبي ( ص ) يعلم أنّه آخر عمره، وأنّه لا يجتمع العرب بعد هذا عنده مثل هذا الاجتماع ، فأراد أن يوصي العرب بحفظ محبّة أهل بيته وقبيلته ، ولا شكّ أنّ عليّاً ( ع ) كان بعد رسول اللّه ( ص ) سيّد بني هاشم وأكبر أهل البيت فذكر فضائله وساواه بنفسه في وجوب الولاية والنصرة والمحبّة معه ، ليأخذه العرب سيدا ويعرفوا فضله وكماله ،
ولينصف المنصف من نفسه لو كان يوم غدير خم صرح رسول اللّه ( ص ) بخلافة علي نصّاً جليّاً لا يحتمل خلاف المقصود، ألا ترى العرب مع جلافتهم وكفرهم بعد رسول اللّه ( ص ) وجعلهم الأنبياء فيهم مثل مسيلمة الكذاب وسَجاح وطليحة كانوا يسكتون على خلافة أبي بكر وكانوا لا يتكلمون بنِباس في أمر خلافة رجل تنبأ بأرض نجد وقد وضع عن قومه الصلاة وأحلّ لهماالخمر والزنا وقتل في غزوة اليمامة سنة 12 ه وله 150 سنة. هي امرأة تنبّأت. هو طليحة بن خويلد بن نوفل كان ممّن شهد الخندق وأسلم سنة 9 ه ثمّ ارتدّ وادّعى النبوّة في عهد أبي بكر وله وقائع كثيرة مع المسلمين ثمّ خذله اللّه تعالى وهرب حتّى لحق بأعمال دمشق ثمّ أسلم وقدم مكّة معتمراً ثمّ خرج إلى الشام مجاهداً وشهد اليرموك وشهد بعض حروب الفرس وقتل بنهاوند سنة 21 ه. أقل كلام. علي ( ع ) مع أنّ رسول اللّه ( ص ) نصّ على المنبر بمحضر جميع قبائل العرب : إن أنصف المتأمل العاقل علم أنه لا نص هناك. شرح إحقاق الحق: 482/2، دلائل الصدق: 316/4.
اجيب بامور:
1 - لم يكن اجماع في البين وقد صرّح جمع من علماء السنّة بأنّ بيعة أبي بكر لم تكن بإجماع من في المدينة فضلاً عن إجماع الأمّة؛ فعلى هذا اختلفوا في أنّ الحكومة تنعقد ببيعة الواحد؟ أوالإثنين؟ أوالخمسة؟ أوبعهد السابق.
وقال الماوردي (ت450) وأبو يعلي 458) في الأحكام السلطانيّة: اختلف العلماء في عدد من تنعقد به الإمامة منهم على مذاهب شتّى ، فقالت طائفة : لا تنعقد إلا بجمهور أهل العقد والحلّ من كلّ بلد ، ليكون الرضا به عامّاً ، والتسليم لإمامته إجماعاً، وهذا مذهب مدفوع ببيعة أبي بكر رضي اللّه عنه على الخلافة باختيار من حضرها ، ولم ينتظر ببيعته قدوم غائب عنها. الأحكام السلطانيّة: 33. لأبي الحسن الماوردي من وجوه فقهاء الشافعيّة. والاحكام السلطانيّة لأبي يعلى محمد بن الحسن الفراء الحنبلي: 117.
وقالت طائفة اخرى: أقل من تنعقد به منهم الامامة خمسة، يجتمعون على عقدها أو يعقدها أحدهم برضا الأربعة استدلالاً بأمرين:
أحدهما: أنّ بيعة أبي بكر انعقدت بخمسة اجتمعوا عليها ثمّ تابعهم الناس فيها وهم: عمر بن الخطّاب، وأبو عبيدة بن الجرّاح، واُسيد بن حضير، وبشير بن سعد، وسالم مولى أبي حذيفة.
والثاني: أنّ عمر (رض) جعل الشورى في ستّة ليعقد لأحدهم برضا الخمسة وهذا قول أكثر الفقهاء والمتكلّمين من أهل البصرة.
وقال آخرون من أهل الكوفة: تنعقد بثلاثة يتولاها أحدهم برضا الإثنين ليكونوا حاكماً وشاهدين، كما يصحّ عقد النكاح بولىّ وشاهدين.
وقال طائفة اخرى: تنعقد بواحد؛ لأنّ العباس قال لعلي رضوان اللّه عليهما اُمدد يدك ابايعك فيقول الناس عمّ رسول اللّه(ص) بايع ابن عمّه فلا يختلف عليك اثنان ولأنّه حكم وحكم واحد نافذ. الأحكام السلطانيّة للماوردي: 79.
وقال الجويني المعروف بإمام الحرمين (ت478) : اعلموا أنّه لا يشترط في عقد الإمامة الإجماع ، بل تنعقد الإمامة وإن لم تجمع الأمّة على عقدها ، والدليل عليه أنّ الإمامة لمّا عقدت لأبي بكر ابتدر لإمضاء أحكام المسلمين ، ولم يتأن لانتشار الأخبار إلى من نأى من الصحابة في الأقطار ، ولم ينكر منكر . فإذا لم يشترط الإجماع في عقد الإمامة لم يثبت عدد معدود ولا حد محدود ، فالوجه الحكم بأن الإمامة تنعقد بعقد واحد من أهل الحل والعقد. كتاب الإلهيّات: 523/2.
قال عضد الدين الإيجي (ت 756) في المواقف : وإذا ثبت حصول الإمامة بالاختيار والبيعة ، فاعلم أنّ ذلك لا يفتقر إلى الإجماع ، إذ لم يقم عليه دليل من العقل أو السمع ، بل الواحد والإثنان من أهل الحلّ والعقد كاف ، لعلمنا أنّ الصحابة مع صلابتهم في الدين اكتفوا بذلك، كعقد عمر لأبي بكر ، وعقد عبد الرحمن بن عوف لعثمان ، ولم يشترطوا اجتماع من في المدينة فضلاً عن اجتماع الأمّة. هذا ولم ينكر عليه أحد ، وعليه انطوت الأعصار إلى وقتنا هذا. المواقف في علم الكلام ط مصر 1325ه: 8/ 351.
قال الإمام ابن العربي (ت543): لا يلزم في عقد البيعة للامام أن تكون من جميع الأنام بل يكفي لعقد ذلك إثنان أو واحد. شرح سنن الترمذى: 229/13.
قال القرطبي (ت671) فإن عقدها واحد من أهل الحلّ والعقد فذلك ثابت ويلزم الغير فعله خلافاً لبعض الناس حيث قال: لا ينعقد إلّا بجماعة من أهل الحلّ والعقد ودليلنا أنّ عمر (رض) عقد البيعة لأبي بكر ولم ينكر أحد من الصحابة ذلك فوجب أن يفتقر إلى عدد يعقدونه كسائر العقود. جامع أحكام القرآن: 269/1، 272.
ونقل أبو يعلى الفرّاء الحنبلي: قول بعضهم إنّها تثبت بالقهر والغلبة ولا يفتقر إلى العقد ومن غلب عليهم بالسيف حتّى صار خليفة، وسمىّ أمير المؤمنين، فلا يحلّ لأحد يؤمن باللّه واليوم الآخر أن يبيت ولا يراه إماماً، برّاً كان أو فاجراً، فهو أمير المؤمنين ... وقال: في الإمام يخرج عليه من يطلب الملك فيكون عم هذا قوم ومع هذا قوم (تكون الجمعة مع من غلب) واحتجّ بأنّ ابن عمر صلّى بأهل المدينة في زمن الحرّة وقال: نحن مع من غلب الأحكام السلطانيّة: 117. قال المولى محمد صالح المازندراني: يسندون أصلهم وهو خلافة الأول إلى إجماع ما كان إلا بعض من في المدينة في ذلك الزمان مسندا إلى قياس بصلاة خلفه برضى عنه ( صلى اللّه عليه وآله) وأنه أمر أخروى والإمامة أمر دنيوي فيرضى له أيضا مع أنهم صرحوا في بابها بأنها رياسة عامة في الدين والدنيا مع تجويزهم الصلاة خلف كل فاسق وفاجر ويتركون ما نقلوه من النصوص بسبب ذلك مع نقلهم أن عليا ( عليه السلام ) ما بايع إلا بعد فوت فاطمة ( عليها السلام ) وبالجملة من تفكر فيما قالوا فقط من غير شئ آخر مذكور في طرقنا لجزم إما بجنونهم أو قلة مبالاتهم أو غفلتهم. شرح أصول الكافي ج 12 ص411.
2 - تخلّف عامّة المهاجرين وجلّ الأنصار عن بيعة أبي بكر قال الزبير بن بكار: وكان عامّة المهاجرين وجلّ الأنصار لا يشكّون أنّ عليّاً هو صاحب الأمر بعد رسول اللّه(ص) . الأخبار الموفّقيات لابن بكار (ت 272): 580، ومثله في تاريخ اليعقوبي: 103/2.
وغضب رجال من المهاجرين في ببيعة أبي بكر منهم على بن أبي طالب والزبير فدخلا بيت فاطمة ومعهما السلاح لقد اجتمعوا على أن يبايعوا عليّاً. تاريخ الخميس لديار بكري: 169/2 الرياض النضرة: 218/1 وشرح المعتزلى: 132/1. شرح المعتزلى: 134/1 ابن شحنة بهامش الكامل: 113/11.
وذكر الواقدي أن زيدبن أرقم قال - عقيب بيعة السقيفة لعبد الرحمن بن عوف - : يا ابن عوف ! لولا أن علي بن أبي طالب وغيره من بني هاشم اشتغلوا بدفن النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) وبحزنهم عليه فجلسوا في منازلهم ما طمع فيها من طمع ! !. كتاب الردة للواقدي : 45 ، الفتوح لأحمدبن أعثم الكوفي : 1 / 12.
وفي تاريخ اليعقوبي: وتخلّف عن بيعة أبي بكر قوم من المهاجرين والأنصار ، ومالوا مع علي بن أبي طالب ، منهم : العباس بن عبد المطلب ، والفضل بن العباس ، والزبير بن العوام بن العاص ، وخالد بن سعيد ، والمقداد بن عمرو ، وسلمان الفارسي ، وأبو ذر الغفاري ، وعمار بن ياسر ، والبراء بن عازب ، وأبي بن كعب. تاريخ اليعقوبي: 124/2.
وتخلّف أيضاً: عتبة بن أبي لهب، سعد بن أبي وقاص، سعد بن عبادة، طلحة بن عبيد اللّه، خزيمة بن ثابت، فروة بن محمد، خالد بن سعيد بن العاص، وجماعة من بنى هاشم. من حياة عمر بن الخطاب نقلاً عن تاريخ الطبري: 22/2، مروج الذهب: 301/2، شرح المعتزلي: 131/1، العقد الفريد: 256/4، الكامل في التاريخ: 325/2 السيرة الحلبيّة: 356/3، وأسد الغابة: 222/3.
ذكر تخلف عامّة بني هاشم ابن الأثير في أسد الغابة، وفي الكامل في التاريخ. وقال المسعودي : ولم أسد الغابة: 329/3، والكامل في التاريخ: 2/ 325 ، 331. يبايعه أحد من بني هاشم حتى ماتت فاطمة رضي اللّه عنها. وكذا ذكره الحلبي في السيرة الحلبية. مروج الذهب: 301/2. السير الحلبية: 484/3 ، إلّا أنّه ذكر العباس ، وقال : وجمع من بني هاشم.
وقال ابن الأثير: وتخلّف عن بيعته على وبنو هاشم والزيبر ابن العوام وخالد بن سعيد بن العاص وسعد بن عبادة الانصاري ثم ان الجميع بايعوا بعد موت فاطمة بنت رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم الا سعد بن عبادة فانه لم يبايع أحدا الى ان مات وكانت بيعتهم بعد ستة أشهر على القول الصحيح وقيل غير ذلك. أسد الغابة: 222/3.
قال الأميني: ولما تم الأمر له ببيعة اثنين فحسب : عمر وأبي عبيدة . أو : ببيعة أربع : هما مع أسيد وبشر . أو بخمسة : هم مع سالم مولى أبي حذيفة كما يأتي تفصيله . ولما تخلف عن بيعته رؤس المهاجرين والأنصار : علي وابناه السبطان . والعباس وبنوه في بني هاشم . وسعد بن عبادة وولده وأسرته . والحباب بن المنذر وتابعوه . والزبير وطلحة . وسلمان . وعمار . وأبو ذر . والمقداد . وخالد بن سعيد . وسعد بن أبي وقاص . وعتبة بن أبي لهب . والبراء بن عازب . وأبي بن كعب . وأبو سفيان بن حرب . وغيرهم. الغدير ج 7 ص 93، عن تاريخ اليعقوبي 2 : 103 ، الرياض النضرة 1 : 167 تأريخ أبي الفدا ج 1 : 156 ، روضة المناظر لابن شحنة هامش الكامل 7 : 164 شرح ابن أبي الحديد 1 : 134 .
اعتراض أبي سفيان على خلافة أبي بكر:
لما اجتمع المهاجرون على بيعة أبى بكر ، أقبل أبو سفيان وهو يقول : أما واللّه إنى لارى عجاجة لا يطفئها إلا الدم ! يا لعبد مناف ، فيم أبو بكر من أمركم ! اين المستضعفان ؟ أين الاذلان ! يعنى عليا والعباس ، ما بال هذا الامر في أقل حى من قريش . ثم قال لعلى : أبسط يدك أبايعك ، فو اللّه إن شئت لاملانها على أبى فصيل - يعنى أبا بكر - خيلاً ورجلاً، فامتنع عليه على عليه السلام. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 221/1. ط دار الكتب العلميّة بتحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم.
اعتراض أبي قحافة لأبي بكر:
قيل لابي قحافة يوم ولى الامر ابنه : قد ولى ابنك الخلافة ، فقرأ ( قل اللهم مالك الملك تؤتى الملك من تشاء وتنزع الملك ممن تشاء )، ثم قال : لم ولوه ؟ قالوا : لسنه قال أنا أسن منه. شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 221/1. ط دار الكتب العلميّة بتحقيق محمد أبو الفضل ابراهيم.
3 - ارتداد الناس بعد النبي (ص) وما محمد إلّا رسول قد خلت من قبلها الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم آل عمران: 144. ورد فى حديث الحوض، كما في صحيح البخاري عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، قال رسول اللّه(ص): تحشرون حفاة عراة إلى أن قال:- ثمّ يؤخذ برجال من أُمّتي فيؤخذ بهم ذات الشمال.
فأقول: ياربّ أصحابي؟ فيقال: إنّك لا تدري ما أحدثوا بعدك!.
فأقول: كما قال العبد الصالح عيسى بن مريم: "وَ كُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهيداً مادُمْتُ فيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَني كُنْتَ اَنْتَ الرَّقيبَ عَلَيْهِمْ وَ اَنْتَ عَلى كُلِّ شَىْءٍ شَهيدٍ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَاِنَّهُمْ عِبادُكَ وَ اِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَاِنَّكَ اَنْتَ العَزيزُ الْحَكيمُ&quot. المائدة: 117- 119.
قال فيقال لي: إنّهم لميزالوا مرتدّين على أعقابهم منذ فارقتهم. صحيح مسلم: 157/7 وراجع أيضاً: صحيح البخاري: 142/4 و110 و 240:5
وفي رواية اُخرى: ليردنّ عليّ ناس من أصحابي الحوض، حتّى إذا عرفتهم اختلجوا دوني. فأقول: أصحابي؟ فيقول: لا تدري ماذا أحدثوا بعدك. صحيح البخاري: 207/7 و87/8 وصحيح مسلم: 71/7.
وفي رواية اُخرى: بينما أنا قائم فإذا زمرة حتّى إذا عرفتهم، خرج رجل من بيني وبينهم. قال: هلمّ.
قلت: أين؟ قال: إلى النار واللّه.
قلت: وما شأنهم؟ قال: إنّهم ارتدّوا بعدك على أدبارهم القهقرى، فلا أراه يخلص منهم إلّا مثل همل النعم أي القليل. صحيح البخاري: 208/7.
حديث ارتد العرب قاطبة قال ابن كثير: من حديث القاسم وعمرة عن عائشة قالت ، لما قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ارتدت العرب قاطبة وأشرأبت النفاق. البداية والنهاية: 6 /33.
قال ابن عساكر: عن موسى بن هياج قال لما ولي عمر بن عبد العزيز قال القاسم بن محمد: اليوم تنطق العذراء في خدره،ا سمعت عمتي عائشة تقول: لمّا قبض يعني رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) ارتدّت العرب قاطبة، وأشرأب النفاق، وصار أصحاب محمد كلّهم معري مطيرة في حفش.
وروي أيضاً عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة قالت قال رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وسلم ) قبل وفاته لا يبقى في جزيرة العرب دينان، فلمّا توفّاه اللّه عز وجل، ارتدّ في كل ناحية من جزيرة العرب مرتدون عامّة أو خاصّة وأشرأبت اليهود والنصرانيّة ولحم النفاق بالمدينة وفيما حولها، وكادوا الدين وبقي المسلمون كالغنم المطيرة في الليلة المظلمة السائبة بالأرض المسبعة. تاريخ مدينة دمشق: 314/30.
قال ابن الاثير في النهاية: وفى حديث عائشة "لمّا قبض رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ارتدت العرب قاطبة" أي: جميعهم ، هكذا يقال نكرة منصوبة غير مضافة ، ونصبها على المصدر أو الحال. النهاية في غريب الحديث: 79/4.
وهكذا ذكره ابن منظور في لسان العرب، والزبيدي في تاج العروس. لسان العرب: 681/1، تاج العروس: 435/1.
قال القرطبي: وذلك أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما مات ارتدت العرب كلها ، ولم يبق الاسلام إلا بالمدينة ومكّة وجواثا.
فقام أبو بكر يدعو الناس إلى الاسلام ويقاتلهم على الدخول في الدين كما فعل النبي صلى اللّه عليه وسلم ، فاستحق من هذه الجهة أن يقال في حقه ثاني اثنين. تفسير القرطبي: 147/8.
قال الحموي: ارتدّت العرب كلّها بعد النبي ، صلى اللّه عليه وسلم ، إلا أهل جواثا. معجم البلدان: 2 /17.
قال الشوكاني: عن أنس بن مالك قال: لمّا توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم ارتدت العرب فقال عمر : يا أبا بكر كيف نقاتل العرب ؟ فقال : أبو بكر : إنّما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وسلم : أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا اللّه وأني رسول اللّه ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة.
رواه النسائي الحديث، أخرجه أيضاً البيهقي في السنن وإسناده في سنن النسائي ، هكذا أخبرنا محمد بن بشار حدثنا عمرو بن عاصم حدثنا عمران أبو العوام حدثنا معمر عن الزهري عن أنس فذكره ، وكلهم من رجال الصحيح، إلا عمران أبو العوام فإنّه صدوق بهم. نيل الأوطار: 1 /36.
قال النسائي: عن عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود أن أبا هريرة قال لما توفى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم وكان أبو بكر بعده وكفر من كفر من العرب. سنن النسائي: 5/6.
قال عبد الرزاق الصنعاني: عن معمّر عن قتادة قال : لما مات رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ارتدّت العرب إلا ثلاثة مساجد : مسجد الحرام ، ومسجد المدينة ، ومسجد البحرين. المصنّف لعبد الرزاق الصنعاني: 1/ 52 ح 19886.
قال الجصاص: ماروى معمر عن الزهري عن أنس قال لما توفي رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ارتدت العرب كافة فقال عمر يا أبا بكر أتريد أن تقاتل العرب كافة فقال أبو بكر إنما قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إذا شهدوا أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسول اللّه وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة منعوني دماءهم وأموالهم واللّه لو منعوني عقالا مما كانوا يعطون إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم لقاتلتهم عليه. أحكام القرآن: 106/3.
راجع: المستدرك: 260/3، الطبقات الكبرى: 191/2 و240/4. السنن الكبرى للبيهقي: 177/8، تفسير الثعالبي: 395/2.
4 - انتقام قريش وبني أمية من النبي (ص)
ويظهر من بعض ما بقى سالماً من يد المحرفين بأنّ قريشاً كانوا يبغض رسول اللّه أوّلاً وبالذات ويبغض بنى هاشم لحمايتهم عنه (ص) كما ورد في مسند أحمد وغيره بأنّه:
دخل العباس على رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم )، فقال: يارسول اللّه. إنّا لنخرج فنرى قريشاً تحدّث؛ فإذا رأونا سكتوا. فغضب رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم)، ودرّ عرق بين عينيه. مسند أحمد ج 4 ، ص 164 وج1،ص 207 ص 208 ،وراجع ص 210 ، وسنن ابن ماجة ج1 ، ص50 ،وحياة الصحابة ج2 ،ص487 و488 ، ونزل الأبرار:ص 34-35 ، وراجع: تاريخ المدينة ج2 ،ص 239 و 640 ، ومستدرك الحاكم ج3 ،ص 333 ،وتلخيصه للذهبي، بهامش نفس الصفحة ، ومنحة المعبودج2،ص147 ومجمع الزوائد ج9 ص269 والجامع الصحيح للترمذي ج5 ص652 ،وصححه، واسد الغابة ج3 ،ص110 ، وكنز العمال ج 13 ،ص90 و88 ج 89 و83 ،وج 16 ،ص 254 و 135 و128 عن عدد من المصادر ونقله بعض الأعلام عن الكامل لابن عدي ج6 ، ص 1885 ، وعن المصنف لابن أبي شيبة ج12 ، ص108 ، وعن المعرفة والتاريخ ج1، ص 497 و499 . والبحار ج8 ، ص 151 الطبعة الحجرية.
فالقريش لما لم يتمكنوا من الانتقام من النبي ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) بالذات، انتقموا من أهل بيته لينتقموا منه.
كما قال أمير المؤمنين ( عليه السلام ): اللهم إني أستعديك على قريش، فإنهم أضمروا لرسولك ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) ضروباً من الشرّ والغدر، فعجزوا عنها، وحلت بينهم وبينها، فكانت الوجبة بي والدائرة علي، اللّهمّ احفظ حسناً وحسيناً، ولا تمكنّ فجرة قريش منهما ما دمت حيا، فإذا توفيتني فأنت الرقيب عليهم وأنت على كلّ شئ شهيد. شرح نهج البلاغة 20 / 298.
وقال أيضاً: اللهم إني أستعديك على قريش ومن أعانهم، فإنهم قطعوا رحمي، وصغروا عظيم منزلتي، وأجمعوا على منازعتي أمرا هو لي، ثم قالوا: ألا إن في الحق أن تأخذه وفي الحق أن تتركه. نهج البلاغة، الخطبة: 172 .
ألف: أصحاب العقبة الذين أرادوا قتل النبي(ص):
ويؤيّده ما ورد من أنّ عدّة من قريش أرادوا قتل النبي(ص) وإلقاءه من العقبة كما روى السيوطي في الدرّ المنثور: عن عروة قال: رجع رسول اللّه (ص) قافلاً من تبوك إلى المدينة، حتّى إذا كان ببعض الطريق مكر برسول اللّه(ص) ناس من أصحابه فتآمروا أن يطرحوه من عقبة في الطريق إلى أن قال : فقال النبي (ص) لحذيفة: هل عرفت ياحذيفة من هؤلاء الرهط أحداً؟ قال حذيفة: عرفت راحلة فلان وفلان. وقال: كانت ظلمة الليل وغشيتهم وهم متلّثمون.
فقال النبي (ص): هل علمتم ما كان شأنهم وما أرادوا؟ قالوا: لا واللّه يارسول اللّه.
قال: فإنّهم مكروا ليسيروا معي حتّى إذا طلعت في العقبة طرحوني منها.
قالوا: أفلا تأمر بهم يارسول اللّه فنضرب أعناقهم؟
قال: أكره أن يتحدّث الناس ويقولوا: إنّ محمداً وضع يده في أصحابه! فسمّاهم لهما وقال: اكتماهم. الدر المنثور: 259/3. إصدار مكتبة آية اللّه المرعشي بقم.
وفيما رواه ابن كثير: أنّ عمّاراً وحذيفة بن اليمان قالا: يارسول اللّه، أفلا تأمر بقتلهم؟ فقال: "أكره أن يتحدّث الناس أنّ محمداً يقتل أصحابه" تفسير ابن كثير: 322/2 والبداية والنهاية: 24/5. (طبعة دار إحياء التراث العربي). قال ابن حزم: وأمّا حديث حذيفة، فساقط؛ لأنّه من طريق الوليد بن جميع، وهو هالك، ولانراه يعلم من وضع الحديث؛ فإنّه قد روى أخباراً فيها: أنّ أبابكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن أبي وقّاص أرادوا قتل النبي(ص) ولقاءه من العقبة في تبوك، وهذا هو الكذب الموضوع الذي يطعن اللّه تعالى واضعه فسقط التعلق به والحمد للّه رب العالمين. انتهى كلامه. المحلّى: 224/11. تحقيق أحمد محمد شاكر، ط. دار الجيل ودار الآفاق الجديدة، بيروت. والمحلّى: 160/12 مسألة 2203 ط. دار الفكر، تحقيق: الدكتور عبد الغفّار سليمان البنداري.
ومن الجدير بالذكر أنّ تضعيف ابن حزم لوليد بن جميع مخالف لما جاء في المصادر الرجاليّة لأبناء العامّة من التصريح بتوثيقه.
كما صرّح بوثاقته العجلي وقال ابن سعد: كان ثقة وله أحاديث. وأورده ابن حبّان في الثقات. تاريخ الثقات: 465 رقم 1773. الطبقات: 354/6. كتاب الثقات: 492/5.
وقد نقل الذهبي وابن أبي حاتم عن أبي عبد اللّه بن أحمد بن حنبل قال: قال أبي: ليس به بأس. وعن يحيى بن معين أنّه قال: ثقة وقال أبو حاتم: صالح الحديث. وقال أبو زرعة: لا بأس به وقال الذهبي: وثّقه أبو الجرح والتعديل: 8/9 رقم 34 وتهذيب الكمال: 35/31. نعيم. تاريخ الإسلام: 661/9.
ب: إنّ قريشاً سبب هلاك الناس بعد النبي(ص) :
وفى صحيح البخاري عن أبى هريرة رضى اللّه عنه قال قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يهلك الناس هذا الحيّ من قريش، قالوا: فما تأمر نا قال لو أنّ الناس اعتزلوهم.
وعن عمر وبن يحيى بن سعيد الأموى، عن جدّه، قال: كنت مع مروان وأبى هريرة فسمعت أبا هريرة يقول: سمعت الصادق المصدوق يقول هلاك أمتي على يدى غلمة من قريش فقال مروان غلمة قال أبو هريرة إن شئت أن أسمّيهم بنى فلان وبنى فلان. صحيح البخارى: 177/4، كتاب بدء الخلق، باب علامات النبّوة، وصحيح مسلم: 186/8، كتاب الفتن، باب لا يقوم الساعة حتّى يمرّ الرجل بقبر الرجل...، وأخرجه أحمد في مسنده: 324/2، 288، 299، 520.
روى الحاكم النيشابوري عن عمار بن ابى عمار انه سمع ابا هريرة رضى اللّه عنه يقول سمعت رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله يقول هلاك هذه الامة على يدى اغيلمة من قريش.
ثمّ قال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ولهذا الحديث توابع وشواهد عن رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وصحابته الطاهرين والائمة من التابعين. صحيح البخارى: 177/4.
5 - مؤامرة قريش مع على (ع)
ألف: لا يحبّ قريش عليّاً (ع) لما قتل منهم في بدر و...
سئل الإمام زين العابدين(ع) وابن عبّاس أيضاً: لِمَ أبغضت قريش عليّاً(ع) ؟ قال: لأنّه أورد أوّلهم النار، وقلّد آخرهم العار. المناقب لابن شهرآشوب: 21/3، كشف الغمّة: 319/2، تاريخ مدينة دمشق: 291/42، فيه: عن ابن طاوس، عن أبيه، قال: قلت لعلي بن الحسن بن علي: ما بال قريش لا تحبّ عليّاً ؟ فقال: لأنّه أورد أوّلهم النار وألزم آخرهم العار.
وعن ابن عباس : قال عثمان لعلي (عليه السلام ) : ما ذنبي إذا لم يحبك قريش ، وقد قتلت منهم سبعين رجلا،كأن وجوههم سيوف الذهب. معرفة الصحابة لأبي نعيم الورق 22 مخطوط في مكتبة طوب قبوسراي رقم 1 ص497، والجمل ص 99 وشرح النهج للمعتزلي ج9 ، ص 23 .
وبعد أن بايع الناس عليا (عليه السلام) قام أبو الهيثم، وعمار، وأبو أيوب، وسهل بن حنيف، وجماعة معهم ،فدخلوا على علي (عليه السلام)،فقالوا: يا أمير المؤمنين انظر في أمرك، وعاتب قومك هذا الحي من قريش، فانهم قد نقضوا عهدك، واخلفوا وعدك، ودعونا في السرّ إلى رفضك. شرح النهج لابن أبي الحديد: 39/7، المعيار والموازنة لأبي جعفر الإسكافي: 109.
قال المعتزلي: إن قريشا اجتمعت على حربه منذ بويع، بغضا له وحسداً، وحقداً عليه؛ فأصفقوا كلهم يداً واحدة على شقاقه وحربه،كما كانت في ابتداء الإسلام مع رسول اللّه (صلى اللّه عليه وآله وسلم )، لم تخرم حاله من حاله أبداً. شرح النهج: 151/16.
قال عمر بن الخطاب لابن عباس: إنّ عليا لأحقّ الناس بها، ولكن قريشاً لا تحتمله. تاريخ اليعقوبي ج2 ، ص 158، وقاموس الرجال ج6 ،ص 36 عنه.
ب: خوف رسول اللّه(ص) عن قومه في أمر خلافة علي(ع)
عنه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم): أنه لما أُمر بإبلاغ أمر الإمامة قال : إن قومي قريبو عهد بالجاهلية، وفيهم تنافس وفخر، وما منهم رجل إلا وقد وتره وليّهم، وإني أخاف، فأنزل اللّه : (يا أيّها الرسول بلّغ...). شواهد التنزيل: 191/1.
عن ابن عباس إنّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) قال في غدير خم : إن اللّه أرسلني إليكم برسالة وإني ضقت بها ذرعاً، مخافة أن تتّهموني، وتكذّبوني، حتى عاتبني ربي بوعيد أنزله علي بعد وعيد. شواهد التنزيل:193/1.
عن الحسن أيضاً: إنّ اللّه بعثني برسالة؛ فضقت بها ذرعاً، وعرفت: أن الناس مكذّبي، فوعدني لأبلغنّ أوليعذبّني، فأنزل اللّه : (يا أيها الرسول بلّغ ما أنزل إليك..) الدر المنثور:298/2 عن أبي الشيخ. عن مجاهد ، قال: لمّا نزلت :(بلّغ ما أنزل إليك من ربك ). قال: يارب، إنما أنا واحد كيف أصنع، يجتمع عليّ الناس؟ فنزلت (وإن لم تفعل فما بلغت رسالته). الدر المنثور: 298/2 عن ابن أبي حاتم ، وعبد بن حميد وابن جرير.
عن ابن عباس، وجابر الأنصاري، قالا: أمر اللّه تعالى محمداً (صلى اللّه عليه وآله وسلم ): أن ينصب علياً للناس، فيخبرهم بولايته، فتخوف النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم) أن يقولوا: حابى ابن عمه، وأن يطعنوا في ذلك فأوحى اللّه : (يا أيها الرسول بلغ ما أنزل إليك...) شواهد التنزيل: 192/1، وروح المعاني: 348/2، (192/6)، مجمع البيان: 223/3 (343)، والغدير:219/1 (430) و223 (437) و377 (660). عن جابر بن عبد اللّه : أن رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) نزل بخم، فتنحى الناس عنه، ونزل معه علي بن أبي طالب؛ فشقّ على النبي تأخر الناس؛ فأمر علياً فجمعهم؛ فلمّا اجتمعوا قام فيهم، متوسداً (يد) علي بن أبي طالب، فحمد اللّه، واثنى عليه، ثم قال:
أيها الناس، إنه قد كرهت تخلفّكم عنّي حتّى خُيّل إلي: أنه ليس شجرة أبغض إليكم من شجرة تليني. مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي: 25 ح37، وعمدة الأعيان لابن البطريق ص 107 ح143، وتفسير الثعلبي سورة المائدة: 67، والغدير: 22/1 (60).
وعن ابن عباس : لما أمر النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم ) أن يقوم بعلي ابن أبي طالب المقام الذي قام به؛ فانطلق النبي (صلى اللّه عليه وآله وسلم) إلى مكة، فقال: رأيت الناس حديثي عهد بكفر- بجاهلية - ومتى أفعل هذا به، يقولوا: صنع هذا بابن عمّه ثم مضى حتى قضى حجة الوداع. تاريخ الخلفاء: 158، وكنز العمال:153/6 (603/11 ح32916) عن المحاملي في أماليه، الأربعين في فضائل أمير المؤمنين لجمال الدين عطاء اللّه بن فضل اللّه : 40 ح13، والقرشي في مسند شمس الأخبار: 38 (101/1 باب 7)، عن أمالي المرشد باللّه (ص 145)، الغدير: 52/1 (122) و217 (427) و 660)378).
وعن زيد بن علي،قال : لما جاء جبرائيل بأمر الولاية ضاق النبي (صلىاللّه عليه وآله وسلم ) بذلك ذرعاً، وقال: قومي حديثو عهد بجاهليّة ، فنزلت الآية. الغدير: 1/ 217 (428) عن كشف الغمة: 324/1 .
وفي حديث مناشدة علي (عليه السلام) للناس بحديث الغدير، أيّام عثمان، شهد ابن أرقم، والبراء بن عازب ، وأبو ذر، والمقداد ، أن النبي صلى اللّه عليه وآله وسلم قال، وهو قائم على المنبر، وعلي (عليه السلام) إلى جنبه:
أيها الناس،إن اللّه عز وجل أمرني أن أنصب لكم إمامكم، والقائم فيكم بعدي، ووصيي، وخليفتي، والذي فرض اللّه عز وجل على المؤمنين في كتابه طاعته، فقرب بطاعته طاعتي، وأمركم بولايته، وإني راجعت ربّي خشية طعن أهل النفاق، وتكذيبهم، فأوعدني لأبلغها، أو ليعذّبني. فرائد السمطين: 312/1، السمط الأول في الباب الثامن والخمسين، ، والغدير: 338)166/1)، وإكمال الدين: 277/1، والبرهان: 445/1 و444 وسليم بن قيس: 149 (636/2) ، وثمّة بعض الاختلاف في التعبير.
وفى كتاب سليم بن قيس: "إنّ اللّه عز وجل أرسلني برسالة ضاق بهاصدري، وظننت الناس كتاب سليم من الأصول المشهورة المتداولة في العصور القديمة المعتمد عليها عند محدثي الفريقين وحملة التاريخ، كما صرّح به ابن النديم في الفهرست ص 307، والمسعوديفي التنبيه والاشراف ص 198، والسبكي في محاسن الرسائل في معرفة الأوائل ونقله عنه الحاكم الحسكاني في شواهد التنزيل لقواعد التفضيل: 47/1 ح41، والإمام الحمويني في فرايد السمطين: 312/1 ح250، والسيد ابن شهاب الهمداني في مودة القربى المودّة العاشرة، والقندوزي الحنفي في ينابيع المودة: 32 27/1، 114 باب 38. يكذّبوني، وأوعدني&quot. سليم بن قيس: ص 148 (757/2)، والبرهان: 444/1 و445 ،والغدير ج1 ، ص 196 (395).
ج: قوله (ص) إن تؤمّروا عليّاً ولا أراكم فاعلين قد تنبّأ رسول اللّه (ص) عن عدم تسليم الناس لعلي (ع) كما أخرج أحمد في مسنده عن جعفر يعنى الفراء عن اسرائيل عن ابى اسحق عن زيد بن يثيع عن على رضى اللّه عنه قال قيل يارسول اللّه من يؤمر بعدك قال ان تؤمروا أبا بكر رضى اللّه عنه تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة وان تؤمروا عمر رضى اللّه عنه تجدوه قويا أمينا لا يخاف في اللّه لومة لائم "وان تؤمروا عليا رضى اللّه عنه ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم&quot. مسند أحمد بن حنبل: 109/1، (175/1 ح861) تاريخ مدينة دمشق: 421/42، وأسد الغابة: 31/4، والإصابة: 468/4، والبداية والنهاية لابن كثير: 397/7، كنز العمال: 799/5، و630/11، عن حم ، حل - عن علي، وحلية الأولياء: 64/1 رقم 4،
وفى رواية ابن حبان: وإن تؤمروا عليّاً ولا أظنّكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يسلك بكم الطريق. كتاب المجروحين: 210/2. وهكذا نقله الذهبي والحاكم الحسكاني ميزان الاعتدال: 363/3. شواهد التنزيل: 82/1. وفي كنز العمال عن فضايل الصحابة لأبي نعيم: "إن تستخلفوا عليّا وما أراكم فاعلين تجدوه هادياً مهديّاً يحملكم على المحجة البيضاء&quot. كنز العمال: 160/6 (630/11 ح33072) حلية الألياء: 64/1 رقم 4، وفي فرائد السمطين: 266/1 ح 207، الكفاية ص 67 (163).
د: إخبار النبي(ص) عليّاً(ع) بأنّ الأمّة ستغدر به روى الحاكم عن أبي حفص عمربن أحمد الجمحى بمكّة ثنا على بن عبد العزيز ثنا عمرو بن عون ثنا هشيم عن اسمعيل بن سالم عن ابي ادريس الاودي عن علي رضى اللّه عنه قال: إنّ ممّا عهد إليّ النبي صلى اللّه عليه وآله أنّ الأمّة ستغدر بي بعده. هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. المستدرك: 140/3، باب إخبار النبي بقتل علي عليه السلام وصرّح الذهبي أيضاً في تلخيصه بصحّته. راجع: تاريخ بغداد: 216/11 ، البداية والنهاية لابن كثير: 218/6، بمصر، مجمع الزوائد للهيثمى: 137/9، تاريخ مدينة دمشق: 448/42، تذكرة الحفّاظ: 995/3، ميزان الاعتدال: 1/ 371، البداية والنهاية: 360/7.
قال الذهبي في ترجمة ثعلبة بن يزيد الحمانى: صاحب شرطة على ، شيعي غال . قال البخاري . في حديثه نظر . روى قال النبي صلى اللّه عليه وسلم لعلى : إن الامة ستغدر بك . وعنه حبيب بن أبى ثابت ، لا يتابع عليه . وقال النسائي : ثقة . وقال ابن عدى : لم أر له حديثا منكراً. ميزان الاعتدال: 371/1
رواه الحاكم قائلاً: صحيح. المستدرك: 142/3.
ه: ضغائن في صدور قوم يبدونها بعد رسول اللّه(ص) :
عن علي(ع)... قلت: يا رسول اللّه ما يبكيك قال ضغائن في صدور اقوام لا يبدونها لك إلّا من بعدى قال: قلت: يا رسول اللّه في سلامة من ديني؟ قال: في سلامة من دينك.
قال الهيثمي: رواه أبو يعلى والبزار وفيه الفضل بن عميرة وثقه ابن حبان وضعفه غيره ، وبقية رجاله ثقات. مجمع الزوائد:118/9 وهكذا في مسند أبي يعلى: 426/1، المعجم الكبير للطبراني: 60/11، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 107/4، كنز العمال: 1/ 176، الكامل لعبداللّه بن عدي: 173/7، تاريخ بغداد: 394/12، تاريخ مدينة دمشق: 322/42، تاريخ مدينة دمشق: 323/42، تاريخ مدينة دمشق: 324/42، تاريخ مدينة دمشق: 324/42 ميزان الاعتدال: 480/4،المناقب للخوارزمي: 65، فضائل الصحابة لابن حنبل: 651/2 - ح 1109. وقد ذكر المحقّق الطهراني كتاباً المسمّى ب"ضغائن في صدور قوم" للشيخ الأقدم أبي أحمد عبد العزيز بن يحيى الجلودي شيخ، أبي القاسم جعفر بن محمد بن قولويه. الذريعة: 118/15.
ونفس السند موجود في المستدرك وقد صحّحه الحاكم والذهبي، فيكون سنده صحيحاً، لكن اللفظ المستدرك على الصحيحين: 139/3. في المستدرك مختصر وذيله غير مذكور، واللّه أعلم ممن هذا التصرف، هل من الحاكم أو من الناسخين أو من الناشرين ؟ و: لم يرو من الضغائن والغدر إلا القليل وهذا المطلب مهم جدا، فالغدر الذي كان، والضغائن التي بدت - التي سبق وأن أخبر عنها رسول اللّه - لم يرو منها في الكتب إلا القليل، والسبب واضح، لأنهم منعوا من تدوين الحديث، وعندما دون، فقد دون على يد بني أمية وفي عهدهم، وهذا حال السنة، أي السنة عند أهل السنة .
ثم إن من كان عنده شئ من تلك الأمور التي أشار إليها رسول اللّه ( صلى اللّه عليه وآله وسلم ) لم يروه، وإذا رواه لم ينقلوه ولم يكتبوه ومنعوا من نشره، ومن نقله إلى الآخرين، حتى أن من كان عنده كتاب فيه شئ من تلك القضايا، أخذوه منه، أو أخفاه ولم يظهره لأحد، أذكر لكم موارد من هذا القبيل:
قال ابن عدي في ترجمة عبد الرزاق بن همام الصنعاني [شيخ البخاري ]: ولعبد الرزاق بن همام أصناف حديث كثير، وقد رحل إليه ثقات المسلمين وأئمتهم وكتبوا عنه، ولم يروا بحديثه بأساً، إلّا أنّهم نسبوه إلى التشيّع، وقد روى أحاديث في الفضائل ممّا لا يوافقه عليها أحد من الثقات، فهذا أعظم ما رموه به من روايته لهذه الأحاديث، ولمّا رواه في مثالب غيرهم مما لم أذكره في كتابي هذا، وأما في باب الصدق فأرجو أنّه لا بأس به، إلّا أنّه قد سبق عنه أحاديث في فضائل أهل البيت ومثالب آخرين مناكير. الكامل في الضعفاء: 545/6.
وقال بترجمة عبد الرحمن بن يوسف بن خراش: سمعت عبدان يقول: وحمل ابن خراش إلى بندار جزئين صنّفهما في مثالب الشيخين، فأجازه بألفي درهم فبنى بذلك حجرة ببغداد ليحدث فيها فما متع بها فمات حين فرغ منها... فأما الحديث، فأرجو أنّه لا يتعمّد الكذب. الكامل في الضعفاء 519/5.
فأين هذا الكتاب الذي هو في جزئين ؟ فالرجل ليس بكاذب، ولكنّ الذهبي ينقل هذا المطلب: ويتهجّم على ابن خراش، ويشتمه ويسبّه سبّ الذين كفروا. سير أعلام النبلاء 509/13، تذكرة الحفاظ 684/2، ميزان الاعتدال 600/2.
ولا يتوهمنّ أحد أنّ ابن خراش من الشيعة، لأنّ هذا الرجل من كبار علماء القوم في الجرح والتعديل، ويعتمدون على آرائه في ردّ الراوي أو قبوله، كما يقول ابن حجر بترجمة عبد اللّه بن شقيق: قال ابن خراش: كان - عبد اللّه بن شقيق - ثقة وكان عثمانيّاً يبغض عليّاً. تهذيب التهذيب 223/5 .
فابن خراش ليس بشيعيّ، لأنّه يوثق هذا الرجل مع تصريحه بأنّه كان عثمانيّاً يبغض عليّاً. &lt5
قال عمر لابن عباس وهو يتحدث عن سبب صرف الأمر عن علي(ع) : واللّه، ما فعلنا الذي فعلنا معه عن عداوة، ولكن استصغرناه، وخشينا أن لا يجتمع عليه العرب، وقريش؛ لما قد وترها. قال : فأردت أن أقول : كان رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم يبعثه فينطح كبشها فلم يستصغره ، أفتستصغره أنت وصاحبك ؟ فقال : لا جرم ، فكيف ترى ؟ واللّه ما نقطع أمرا دونه ، ولا نعمل شيئا حتى نستأذنه. الغدير ج1 ، ص 389 عن محاضرات الراغب: 213/7.
قال عمر : يا بن عباس أما واللّه إن صاحبك هذا لأولى الناس بالأمر بعد رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم إلا أنا خفناه على اثنين - إلى أن قال ابن عباس - : فقلت : وما هما يا أمير المؤمنين ؟ قال : خفناه على حداثة سنه ، وحبه بني عبد المطلب، السقيفة وفدك للجوهري المتوفي 323: 54 وشرح المعتزلي: 57/2.
وفى موضع آخر: كرهناه على حداثة السن وحبه بني عبد المطلب. شرح نهج البلاغة: 82/12.
جواب ابن أبي الحديد في عدم البيعة الناس عليّا(ع)
قال ابن أبي الحديد: وروى أبو بكر الأنباري في أماليه أنّ عليّاً عليه السلام جلس إلى عمر في المسجد ، وعنده ناس ، فلما قام عرض واحد بذكره ، ونسبه إلى التيه والعجب.
فقال عمر : حق لمثله أن يتيه ! واللّه لو لا سيفه لما قام عمود الاسلام ، وهو بعد أقضى الامة وذو سابقتها وذو شرفها ، فقال له ذلك القائل : فما منعكم يا أمير المؤمنين عنه ؟ قال : كرهناه على حداثة السن وحبه بنى عبد المطلب .
قلت سألت النقيب أبا جعفر يحيى بن محمد بن أبى زيد وقد قرأت عليه هذه الاخبار - فقلت له : ما أراها إلّا تكاد تكون دالة على النص ، ولكني أستبعد أن يجتمع الصحابة على دفع نص رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله على شخص بعينه كما استبعدنا من الصحابة على رد نصّه على الكعبة وشهر رمضان وغيرهما من معالم الدين.
فقال لى رحمه اللّه : أبيت إلا ميلاً إلى المعتزلة ! ثمّ قال : إن القوم لم يكونوا يذهبون في الخلافة إلى أنها من معالم الدين وأنها جارية مجرى العبادات الشرعيّة ، كالصلاة والصوم ، ولكنهم كانوا يجرونها مجرى الامور الدنيوية ويذهبون لهذا مثل تأمير الامراء وتدبير الحروب وسياسة الرعية وما كانوا يبالون في أمثال هذا من مخالفة نصوصه صلى اللّه عليه وآله إذا رأوا المصلحة في غيرها. شرح نهج البلاغة: 82/12.
إلى أن قال: وعملوا بمقتضى ما يغلب في ظنونهم من المصلحة ولم يقفوا مع موارد النصوص ، حتى اقتدى بهم الفقهاء من بعد ، فرجح كثير منهم القياس على النص ، حتى استحالت الشريعة وصار أصحاب القياس أصحاب شريعة جديدة. شرح نهج البلاغة: 84/12.
والقوم الذين كانوا قد غلب على ظنونهم أن العرب لا تطيع عليا عليه السلام ، فبعضها للحسد ، وبعضها للوتر والثأر وبعضها لاستحداثهم سنة ، وبعضها لاستطالته عليهم ورفعه عنهم ، ، وبعضها كراهة اجتماع النبوة والخلافة في بيت واحد وبعضها للخوف من شدة وطأته وشدته في دين اللّه وبعضها خوفا لرجاء تداول قبائل العرب الخلافة إذا لم يقتصر بها على بيت مخصوص عليه فيكون رجاء كل حى لوصولهم إليها ثابتا مستمرا ، وبعضها يبغضه ، لبغضهم من قرابته لرسول اللّه صلى اللّه وآله - وهم المنافقون من الناس ، ومن في قلبه زيغ من أمر النبوة فأصفق الكل إصفاقا واحدا على صرف الامر عنه لغيره. شرح نهج البلاغة: 84/12.
إلى أن قال: قال رحمه اللّه : وسكت الناس عن الانكار ، فإنهم كانوا متفرقين.
فمنهم: من هو مبغض شانئ لعلى عليه السلام ، فالذي تمّ من صرف الأمر عنه هو قرة عينه ، وبرد فؤاده.
ومنهم: ذو الدين وصحّة اليقين ، إلا أنّه لما رأى كبراء الصحابة قد اتفقوا على صرف الأمر عنه ، ظنّ أنّهم إنّما فعلوا ذلك لنص سمعوه من رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله ينسخ ما قد كان سمعه من النص على أمير المؤمنين عليه السلام...
وقالوا : هؤلاء أعرف بأغراض رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله من كل أحد فأمسكوا وكفّوا عن الإنكار.
ومنهم: فرقة أخرى - وهم الأكثرون - أعراب وجفاة ، وطغام أتباع كل ناعق ، يميلون مع كلّ ريح ، فهؤلاء مقلّدون لا يسألون ولا ينكرون ، ولا يبحثون ، وهم مع أمرائهم وولاتهم ، لو أسقطوا عنهم الصلاة الواجبة لتركوها ، فلذلك امحق النص وخفى ودرس ، وقويت كلمة العاقدين لبيعة أبى بكر.
وقواها زيادة على ذلك اشتغال على وبنى هاشم برسول اللّه صلى اللّه عليه وآله وإغلاق ، بابهم عليهم وتخليتهم الناس يعملون ما شاءوا وأحبوا من غير مشاركة لهم فيما هم فيه.
لكنّهم أرادوا استدراك ذلك بعد ما فات ، وهيهات الفائت لا رجعة له ! . وأراد على عليه السلام بعد ذلك نقض البيعة فلم يتم له ذلك وكانت العرب لا ترى الغدر ، ولا تنقض البيعة صوابا كانت أو خطأ وقد قالت له الانصار وغيرها : أيها الرجل لو دعوتنا إلى نفسك قبل البيعة لما عدلنا بك أحدا ولكنا قد بايعنا فكيف السبيل إلى نقض البيعة بعد وقوعها ! . شرح نهج البلاغة: 86/12.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق