
الشبهة الثالثة: عدم مجئ المولى بمعنى الأولى
مسألة مجئ "المولى" بمعنى "الأولى" عمدة الإشكال في الباب قال الشيخ عبد العزيز الدهلوي صاحب كتاب التحفة الإثنا عشريّة: إنّ لفظة مولى لا تجئ بمعنى الأولى بإجماع أهل اللغة. محاضرات في الاعتقاد للمحقق السيّد الميلاني: 141/1.
كلام الرازى فى مفاد الحديث:
قال الرازي: وفي لفظ (المولى) هاهنا أقوال: أحدها: قال ابن عباس: مولاكم، اي مصيركم، وتحقيقه : ان المولى موضع الولي وهو القرب، فالمعنى: ان النار هي موضعكم الذي تقربون منه وتصلون اليه.
والثاني: قال الكلبي: يعني اولى بكم، وهو قول الزجاج والفراء وابي عبيدة.
واعلم أنّ هذا الذي قالوه معنى، وليس بتفسير اللفظ، لأنّه لو كان (مولى) و(اولى) بمعنى واحد في اللغة لصح استعمال كلّ واحد منهما في مكان الاخر، فكان يجب أن يصح أن يقال: هذا مولى من فلان كما يقال هذا أولى من فلان، ويصح أن يقال هذا أولى فلان كما يقال هذا مولى فلان ولمّا بطل ذلك علمنا ان الذي قالوه معنى، وليس بتفسير.
وانما نبهنا على هذه الدقيقة، لان الشريف المرتضى لما تمسك في امامة علي بقوله (ع): "من كنت مولاه فعليمولاه" قال: احد معاني (مولى) انه (اولى)، واحتج في ذلك باقوال ائمة اللغة في تفسير هذه الاية بان (مولى) معناه (اولى) واذا ثبت ان اللفظ محتمل له وجب حمله عليه، لان ما عداه اما بين الثبوت ككونه ابن العم والناصر، اوبين الانتفاء كالمعتق والمعتق، فيكون على التقدير الاول عبثا، وعلى التقدير الثاني كذبا.
وأمّا نحن فقد بينا بالدليل ان قول هؤلاء في هذا الموضع معنى لا تفسير، وحينئذ يسقط الاستدلال به. التفسير الكبير: 227/29.
جواب الأميني عن الرازي:
وان تعجب فعجب ان يعزب عن الرازي اختلاف الاحوال في المشتقات لزوما وتعدية بحسب صيغها المختلفة. انّ اتّحاد المعنى او الترادف بين الالفاظ انما يقع في جوهريات المعاني، لا عوارضها الحادثة من أنحاء التركيب وتصاريف الألفاظ وصيغها، فالاختلاف الحاصل بين (المولى) و(الاولى) بلزوم مصاحبة الثاني للباء وتجرّد الأوّل منه إنّما حصل من ناحية صيغة (أفعل) من هذه المادّة، كما أنّ مصاحبة (من) هي مقتضى تلك الصيغة مطلقاً.
اذن فمفاد (فلان أولى بفلان) و(فلان مولى فلان) واحد، حيث يراد به الاولى به من غيره، كما ان (افعل) بنفسه يستعمل مضافا إلى المثنى والجمع أو ضميرهما بغير أداة فيقال: زيد أفضل الرجلين أو أفضلهما، وأفضل القوم او أفضلهم، ولا يستعمل كذلك اذا كان ما بعده مفرداً، فلا يقال: زيد أفضل عمرو، وإنّما هو أفضل منه، ولا يرتاب عاقل في اتحاد المعنى في الجميع، وهكذا الحال في بقية صيغ (افعل) كأعلم وأشجع وأحسن وأسمح وأجمل إلى نظائرها.
قال خالد بن عبداللّه الازهري في باب التفضيل من كتابه التصريح: إنّ صحّة وقوع المرادف موقع مرادفه انما يكون اذالم يمنع من ذلك مانع، وهاهنا منع مانع، وهو الاستعمال، فان اسم التفضيل لا يصاحب من حروف الجر إلّا (من) خاصّة، وقد تحذف مع مجرورها للعلم بها نحو (والاخرة خير وابقى).
على ان ما تشبث به الرازي يطرد في غير واحد من معاني المولى التي ذكرها هو وغيره، منها ما اختاره معنى للحديث وهو (الناصر)، فلم يستعمل هو مولى دين اللّه مكان ناصره، ولا قال عيسى على نبينا واله وعليه السلام : من موالي الى اللّه؟ مكان قوله: (من انصاري الى اللّه) ، ولا قال الحواريون: نحن موالي اللّه؟ بدل قولهم: (نحن انصار اللّه).
ومنها الولي فيقال للمؤمن: هو ولي اللّه، ولم يرد من اللغة مولاه، ويقال: اللّه ولي المؤمنين ومولاهم، كما نص به الراغب في مفرداته الغدير 351/1، ط.الحديثة: 626/1. إشكال الجرجانى على الحديث:
قال القاضى الشريف الجرجاني المتوفى 816 في شرح المواقف لعضد الدين الايجي المتوفى 756:
فلا يمكن أن يتمسّك بها في أنّ المولى بمعنى الأولى ( والمراد بالمولى ) هو (الناصر بدليل آخر الحديث) وهو قوله وال من والاه الخ.
(ولأن مفعل بمعنى أفعل لم يذكره أحد) من أئمّة العربيّة.
وقوله تعالي (ومأواكم النار هي مولاكم) أي مقرّكم وما إليه مآلكم وعاقبتكم، ولهذا قال اللّه تعالى (وبئس المصير) وقد قيل المراد ههنا أيضا الناصر فيكون مبالغة في نفي النصرة على طريقة قولهم الجوع زاد من لا زاد له.
(و) الاستعمال أيضا يدل على أن المولى ليس بمعنى الأولى ( لجواز ) أن يقال (هو أولى من كذا دون مولى من كذا و ) أن يقال ( أولى الرجلين أو الرجال دون مولى) الرجلين أو الرجال ( وإن سلم ) أن المولى بمعنى الأولى ( فأين الدليل على أنّ المراد الأولى بالتصرف والتدبير بل ) يجوز أن يراد الأولى ( في أمر من الأمور كما قال اللّه تعالى إن أولى الناس بإبراهيم للذين اتبعوه ) وأراد الأولوية في الاتّباع والاختصاص به والقرب منه لا في التصرف فيه (وتقول التلامذة نحن أولى بأستاذنا ويقول الأتباع نحن أولى بسلطاننا) ولا يريدون الأولويّة في التصرف والتدبير بل في أمر ما والصحّة والاستفسار) إذ يجوز أن يقال في أي شئ هو أولى في نصرته أو محبته أو التصرف فيه ( و ) لصحّة (التقسيم) بأن يقال كون فلان أولى بزيد أمّا في نصرته وأمّا في ضبط أمواله وأمّا في تدبيره والتصرف فيه وحينئذ لا يدلّ الحديث على إمامته. شرح المواقف: 361/8.
كلام التفتازانى سعد الدين والقوشجي:
قال التفتازاني المتوفى 793، في شرح المقاصد، والقوشجي علي بن محمد المتوفى 879، في مؤلّف كتاب شرح التصريف، المقاصد وشرحه. شرح المقاصد: 273/5. شرح التجريد ولفظهما واحد: شوارق الإلهام في شرح التجريد: 477.
إنّ المولى قد يراد به المعتق والحليف والجار وابن العم والناصر والأولى بالتصرف، قال اللّه تعالى: (ماواكم النار هي مولاكم)،اي اولى بكم، ذكره ابوعبيدة، وقال النبي (ص) : "ايما امراة نكحت بغير اذن مولاها..." ، اي الاولى بها والمالك لتدبيرامرها، ومثله في الشعر كثير.
وبالجملة: استعمال (المولى) بمعنى المتولي والمالك للامر والاولى بالتصرف شائع في كلام العرب، منقول عن كثير منائمة اللغة، والمراد انه اسم لهذا المعنى، لا انهصفة بمنزلة الاولى، ليعترض بانه ليس من صيغة افعل التفضيل وانه لايستعمل استعماله. انتهى.
الجواب عن شبهة التفتازاني:
أوّلاً: يمكن لنا أن لا نستدلّ بالحديث المشتمل على لفظ المولى، بل نستدلّ بالأحاديث الأخرى التي جاءت بلفظ "الولي" و "الأمير" ونحو ذلك من الألفاظ. كما في:
الغدير: 18/1 : عن براء بن عازب الأنصاري المتوفى 72، في مسند أحمد ج 4 ص 281 ، وسنن ابن ماجة ج 1 ص 28 و 29 عن ابن جدعان عن عدي عنه قال : أقبلنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم في حجته التي حج فنزل في بعض الطريق فأمر بالصلاة جامعة فأخذ بيد علي فقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ قالوا : بلي ، قال : ألست أولى بكل مؤمن من نفسه ؟ قالوا : بلى . قال : فهذا ولي من أنا مولاه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه .
وعن خصايص النسائي ص 16 عن أبي إسحاق عنه ، وتاريخ الخطيب البغدادي ج 14 ص 236 ، وتفسير الطبري ج 3 ص 428 ، وتهذيب الكمال في أسماء الرجال
الغدير: 23/1: أبو جنيدة جندع بن عمرو بن مازن الأنصاري روى ابن الأثير في أسد الغابة ج 1 ص 308، قال : سمعت النبي صلى اللّه عليه وسلم يقول :... وقد انصرف من حجة الوداع فلما نزل غدير خم قام في الناس خطيبا وأخذ بيد علي وقال : من كنت مولاه فهذا وليه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه.
الغدير: 30/1: وفي الخصايص للنسائي ص 15، عن زيد بن أرقم قال : لما رجع النبي صلى اللّه عليه وسلم من حجة الوداع... ثم قال : إن اللّه مولاي وأنا ولي كل مؤمن ثم إنه أخذ بيد علي رضي اللّه عنه فقال : من كنت وليه فهذا وليه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، فقلت لزيد : سمعته من رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم ؟
الغدير: 33/1: ورواه ابن طلحة الشافعي في مطالب السئول ص 16 نقلا عن الترمذي عن زيد ، و الحافظ أبو بكر الهيثمي في مجمع الزوائد ج 9 ص 104 من طريق أحمد والطبراني والبزار بإسنادهم عن زيد وفي ص 163 ولفظه في الثانية ، فقال : من كنت أولى به من نفسه فعلي وليه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه.
الغدير: 36/1: قال محمد بن إسماعيل اليمني في الروضة الندية شرح التحفة العلوية بعد ذكر حديث الغدير بشتى طرقه : وذكر الخطبة بطولها الفقيه العلامة الحميد المحلي في محاسن الأزهار بسنده إلى زيد بن أرقم ، قال : أقبل النبي صلى اللّه عليه وسلم في حجة الوداع حتى نزل بغدير الجحفة بين مكة والمدينة ، ثم أخذ بيد علي بن أبي طالب ورفعها ، فقال : من كنت وليه فهذا وليه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه ، قالها ثلاثا.
ورواه بهذا اللفظ والتفصيل حرفيا الحافظ المغازلي الواسطي الشافعي في المناقب
الغدير: 38/1: وفي الخصايص ص 4 بإسناده عن عبد الرحمن بن سابط عن سعد قال : كنت جالسا فتنقصوا ثم قال : من كان اللّه ورسوله وليه فهذا وليه ، أللهم وال من والاه ، وعاد من عاداه.
ورواه في ص 18 عن عامر بن سعد عنه ، وعن ابن عيينة عن عايشة بنت سعد عنه ، ورواه عبد اللّه بن أحمد بن حنبل كما في العمدة ص 48 بالإسناد عن عبد اللّه بن الصقر سنة 299 قال حدثنا يعقوب بن حمدان بن كاسب حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن أبيه ، وربيعة الجرشي عن سعد . وأخرج الحافظ الكبير محمد بن ماجة في السنن ج 1 ص 30.
الغدير: 41/1:وروى الحافظ الهيثمي في مجمع الزوايد ج 9 ص 107 من طريق البزار عن سعد أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم أخذ بيد علي فقال : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم ؟ من كنت وليه فعلي وليه ثم قال الهيثمي : رواه البزار ورجاله ثقات . الغدير: 51/1، 58/1، 92/1، 214/1.
الغدير: 215/1: لا تحل إمرة المؤمنين بعدي لأحد غيره . ثم رفعه إلى السماء حتى صارت رجله مع ركبة النبي صلى اللّه عليه وسلم وقال: معاشر الناس ؟ هذا أخي ووصيي وواعي علمي وخليفتي على من آمن بي وعلىّ.
شهادة علماء اللغة بمجئ مولى بمعنى أولى
وثانياً: قد شهد عدّة من كبار علماء اللغة والتفسير والأدب من أهل السنة على مجئ "المولى" بمعني "الأولى" قد ذكر منهم العلّامة الأميني والمحقق المتتبّع السيّد الميلانى إثنان وأربعون رجلاً. من أراد فليرجع نفحات الأزهار: 13/8. ونحن هنا أقوال عدّة كانوا أئمّة الناس في اللغة والشعر والأدب،
فمنهم:
1 - الكلبي محمد بن السائب المفسّر النسّابة، المتوفى 146:
2 - الزجاج، أبو إسحاق المتوفى، 311.
3 - الفراء، يحيى بن زياد المتوفى، 207.
4 - وأبي عبيدة، معمر بن المثنى اللغوي، المتوفى 210.
5 - الأخفش أبو الحسن سعيد بن مسعدة النحوي المتوفى 215.
6 - المبرد أبو العباس المتوفى 285.
أمّا قول الكلبي، والزجاج والفرّاء وأبي عبيدة فهو ورد في تفسير الكبير للفخر الرازي بتفسير قوله تعالى : (هي مولاكم وبئس المصير) مأواكم النار هي مولاكم وبئس المصير . وفي لفظ المولى ههنا أقوال : الحديد: 15.
أحدها: قال ابن عباس : مولاكم أي مصيركم . وتحقيقه : أن المولى موضع الولي وهو القرب ، فالمعنى : إن النار هي موضعكم الذي تقربون منه وتصلون إليه . والثاني قال الكلبي : يعني أولى بكم . وهو قول الزجاج والفرّاء وأبي عبيدة . . . التفسير الكبير 227/29. وعن الكلبي في تفسير أبو حيّان، بتفسير قوله تعالى (قل لن يصيبنا إلا ما كتب اللّه لنا هو مولانا وعلى اللّه فليتوكل المؤمنون) التوبة : 51 .
قال ما نصّه: هو مولانا . أي ناصرنا وحافظنا، قاله الجمهور .
وقال الكلبي: أولى بنا من أنفسنا في الموت والحياة، وقيل : مالكنا وسيّدنا، فلهذا يتصرّف كيف شاء فيجب الرضا بما يصدر من جهته . وقال: (ذلك بأن اللّه مولى الذين آمنوا وأن الكافرين لا مولى لهم) فهو مولانا الذي محمد: 11. يتولّانا ويتولّاهم. البحر المحيط 52/5، لمحمد بن يوسف أبو حيان المتوفى 654.
ترجمة الكلبي محمد بن السائب:
أثنى عليه الحافظ ابن عدي بقوله : هو معروف بالتفسير وليس لأحد تفسير أطول ولا أشبع منه، وبعده مقاتل، إلا أن الكلبي يفضل على مقاتل، لما قيل في مقاتل من المذاهب الرديّة، وحدّث عن الكلبي : شعبة والثوري وهشيم، والثقات، ورضوه في التفسير . . . . تذهيب التهذيب للذهبي : ترجمة الكلبي .
ترجمة الفراء:
قال ابن خلكان: أبو زكريّا يحيى بن زياد بن عبد اللّه بن منظور الأسلمي، المعروف بالفراء ، الديلمي الكوفي، كان أبرع الكوفيّين ، وأعلمهم بالنحو واللغة وفنون الأدب.
حكي عن أبي العباس ثعلب، أنّه قال : لولا الفراء لما كانت العربيّة ، لأنّه خلّصها وضبطها ، ولو لا الفراء لسقطت العربيّة ، لأنها كانت تتنازع ، ويدعيها كل من أراد ، ويتكلم الناس فيها على مقادير عقولهم وقرائحهم . فتذهب. وفيات الأعيان: 225/5.
قال اليافعي : الإمام البارع النحوي ، يحيى بن زياد الفراء الكوفي ، أجل أصحاب الكسائي ، كان رأساً في النحو واللغة ، أبرع الكوفيين وأعلمهم بفنون الأدب ... مرآة الجنان حوادث 207.
ترجمة الزجاج :
قال السمعاني: والمشهور بهذه النسبة أبو إسحاق إبراهيم بن السري بن سهل النحوي الزجاج ، صاحب كتاب معاني القرآن . كان من أهل الفضل والدين ، حسن الاعتقاد ، حميد المذهب ، وله مصنّفات حسان في الأدب ... الأنساب: 156/3، الزجاج . ترجمة أبي عبيدة:
قال الذهبي: أبو عبيدة معمر بن المثنى البصري ، اللغوي الحافظ ، صاحب التصانيف ... قال الحافظ : لم يكن في الأرض خارجيّ ولا جماعي، عالم بجميع العلوم من أبي عبيدة . وذكره ابن المبارك فصحّح رواياته. مات أبو عبيدة سنة عشر ومائتين، وقيل سنة تسع. تذكرة الحفاظ: 371/1.
وقال السيوطي نقلا عن أبي الطيب اللغوي بعد ذكر الخليل: وكان في هذا العصر ثلاثة هم أئمة الناس في اللغة والشعر وعلوم العرب ، لم ير قبلهم ولا بعدهم مثلهم ، عنهم أخذ جل ما في أيدي الناس من هذا العلم بل كله ، وهم أبو زيد، وأبو عبيدة، والأصمعي ، وكلهم أخذوا عن أبي عمرو اللغة والنحو والشعر. خلاصة عبقات الأنوار33/8، نفحات الأزهار 30/8. نقلاً عن المزهر في اللغة: 249/2.
قول الأخفش في معنى المولى:
وممّن نص على مجئ ( المولى ) بمعنى ( الأولى ) : أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي المعروف بالأخفش . . .
قال الفخر الرازي: إنّ أبا عبيدة، وإن قال في قوله تعالى (مأواكم النار هي مولاكم) معناه : هي أولى الحديد: 15. بكم . وذكر هذا أيضا الأخفش والزجاج وعلي بن عيسى واستشهدوا ببيت لبيد . ... الغدير: 345/1 عن نهاية العقول في الكلام ودراية الأصول - مخطوط .
ترجمة الأخفش
قال ابن خلكان : أبو الحسن سعيد بن مسعدة المجاشعي بالولاء النحوي البلخي المعروف بالأخفش الأوسط . أحد نحاة البصرة . . . من أئمة العربية ، وأخذ النحو عن سيبويه وكان أكبر منه ، وكان يقول : ما وضع سيبويه في كتابه شيئا إلا وعرضه علي وكان يرى أنه أعلم به مني وأنا اليوم أعلم به منه . . . وكانت وفاته سنة خمس عشرة ومائتين ، وقيل سنة إحدى وعشرين ومائتين رحمه اللّه تعالى . .. وفيات الأعيان: 122/2. 2 - اليافعي : وفيها الأخفش الأوسط إمام العربية ... مرآة الجنان حوادث 215.
قول المبرد في معنى المولى:
أبو العباس المبرد وأما حكم أبي العباس محمد بن يزيد المبرد المتوفى 285 بمجئ (المولى) بمعنى ( الأولى ) فقد ذكره علم الهدى السيد المرتضى رضي اللّه عنه حيث قال : قال أبو العباس بالمبرد في كتابه المترجم عن صفات اللّه تعالى : أصل يا ولي أولى الذي هو أولى وأحق ، ومثله المولى. الشافي في الإمامة: 123.
ترجمة المبرد:
أبو العباس محمد بن يزيد الأزدي البصري المعروف بالمبرد.
وقد نصّ جلال الدين السيوطي على وثاقته حيث قال : وكان فصيحاً بليغاً مفوهاً ثقة أخباريّاً علّامة صاحب نوادر وظرافة. بغية الوعاة: 269/1، وللمبرد ترجمة في كثير من كتب التاريخ والأدب مع المدح العظيم والثناء الجميل : 1 - وفيات الأعيان: 314/4 . 2 - العبر في خبر من غبر حوادث : 285 . 3 - تاريخ بغداد: 380/3 - 387 . 4 - مرآة الجنان حوادث : 285 . 5 - بغية الوعاة 1 / 269 . 6 - المنتظم في تاريخ الأمم 7 / 9 - 11 .
القرائن التي تعيّن كون المولى بمعنى أولى الأمر وثالثاً: نقول بأنّ للحديث قرائن متّصلة ومنفصلة تنفي ارادة غير أولى الأمر من لفظ المولى فترفع الإبهام.
فإليك البيان:
القرينة الأولي: قوله قبل حديث الغدير: "ألست أولى بكم من أنفسكم" قول رسول اللّه(ص) في مقدمة الحديث وهي : "ألست أولى بكم من أنفسكم&quot. ذكر العلّامة الأميني 63 مصدراً لهذا الحديث من طريق العامّة واليك بعضها:
في طريق الحافظ عبد الرزاق عن معمر عن ابن جدعان عن عدي عن البراء، قال : خرجنا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم حتى نزلنا غدير خم بعث منادياً ينادي فلمّا اجتمعنا قال : "ألست أولى بكم من أنفسكم ؟ قلنا : بلى يا رسول اللّه، قال : ألست أولى بكم من أمّهاتكم ؟ قلنا : بلى يا رسول اللّه، قال : ألست أولى بكم من آبائكم ؟ قلنا : بلى يا رسول اللّه، قال : ألست ؟ ألست ؟ ألست ؟ قلنا : بلى يا رسول اللّه، قال : من كنت مولاه فعلي مولاه أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، فقال عمر بن الخطاب : هنيئا لك يا بن أبي طالب أصبحت اليوم وليّ كلّ مؤمن&quot. السنن الكبرى للنسائي: 5/132 ح8473، مسند أحمد: 281/4 ح 11، حديث البراء عنه(ص) تاريخ الخطيب البغدادي ج 14 ص 236، وتفسير الطبري ج 3 ص 428، تهذيب الكمال في أسماء الرجال: 20/484 رقم 4089، الكشف والبيانللثعلبي: الورقة 181 سورة المائدة: الآية 67، الاستيعاب: القسم الثالث 1099 رقم 1855،الرياض النضرة: 3/113، التفسير الكبير: 49/12، مصنّف ابن أبي شيبة: 78/12 ح12167، البداية والنهاية: 229/5 حوادث سنة 10ه، و 386/7 حوادث سنة 40ه.
وفي سنن ابن ماجة: فهذا ولي من أنا مولاه، أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. سنن ابن ماجة ج 1 ص 43.
قال الأميني: فلو كان صلى اللّه عليه وآله يريد في كلامه غير المعنى الذي صرّح به في المقدمّة لعاد لفظه محلول العُرى، مختزلاً بعضه عن بعض، وكان في معزل عن البلاغة وهو أفصح البلغاء، وأبلغ من نطق بالضاد.
فلا مساغ في الاذعان بارتباط أجزاء كلامه، وهو الحق في كل قول يلفظه عن وحي يوحى، إلا أن نقول باتحاد المعنى في المقدمة وذيها.
ويزيدك وضوحا وبيانا
قال سبط ابن الجوزي الحنفي بعد عدّ معان عشرة للمولى: عاشرها الأولى، والمراد من الحديث : الطاعة المخصوصة، فتعين الوجه العاشر وهو الأولى ومعناه : من كنت أولى به من نفسه فعلي أولى به.
ثمّ قال: قد صرّح بهذا المعنى الحافظ أبو الفرج يحيى بن سعيد الثقفي الاصبهاني في كتابه المسمى بمرج البحرين فإنه روى هذا الحديث بإسناده إلى مشايخه وقال فيه : فأخذ رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم بيد علي فقال : من كنت وليه وأولى به من نفسه فعلي وليه .
فعلم أن جميع المعاني راجعة إلى الوجه العاشر، ودل عليه أيضا قوله عليه السلام : ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وهذا نص صريح في إثبات إمامته وقبول طاعته .
وكذا قوله صلى اللّه عليه وسلم : وأدر الحق معه حيثما دار وكيف ما دار ، فيه دليل على أنه ما جرى خلاف بين علي عليه السلام وبين أحد من الصحابة إلّا والحق مع علي عليه السلام ، وهذا بإجماع الأمّة. ألا ترى أنّ العلماء إنّما استنبطوا أحكام البغاة من وقعة الجمل وصفّين . وقد أكثرت الشعراء في يوم غدير خم ، فقال حسان بن ثابت:
يناديهم يوم الغدير نبيهم بخم فأسمع بالرسول مناديا وقال : فمن مولاكم ووليكم فقالوا ولم يبدوا هناك التعامياً إلهك مولانا وأنت وليّنا ومالك منّا في الولاية عاصياً فقال له قم يا علي فإنّني رضيتك من بعدي إماماً وهادياً فمن كنت مولاه فهذا وليّه فكونوا له أنصار صدق موالياً هناك دعا اللهم وال وليّه وكن للذي عادى عليّاً معادياً ويروى أن النبي صلى اللّه عليه وسلم لما سمعه ينشد هذه الأبيات قال له : يا حسان، لا تزال مؤيّداً بروح القدس ما نصرتنا أو نافحت عنّا بلسانك .
وقال قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري ، وأنشدها بين يدي علي عليه السلام بصفّين :
قلت لما بغى العدو علينا حسبنا ربنا ونعم الوكيل وعلي إمامنا وإمام لسوانا به أتى التنزيل
يوم قال النبي من كنت مولاه فهذا مولاه خطب جليل إنّ ما قاله النبي على الأمّة حتم ما فيه قال وقيل وقال الكميت :
نفى عن عينك الأرق الهجوعا وهما يمتري عنه الدموعا لدى الرحمن يشفع بالمثاني فكان له أبو حسن شفيعا ويوم الدوح دوح غدير خم أبان له الولاية لوأطيعا ولكن الرجال تبايعوها فلم أر مثلها خطراً منيعا ولهذه الأبيات قصة عجيبة ، حدثنا بها شيخنا عمرو بن الصافي الموصلي رحمه اللّه تعالى قال : أنشد بعضهم هذه الأبيات وبات مفكّراً ، فرأى عليّاً عليه السلام في المنام فقال له : أعد عليّ أبيات الكميت ، فأنشده إيّاها حتى بلغ إلى قوله (خطراً منيعاً) فأنشده علي عليه السلام بيتاً آخر من قوله زيادة فيها:
فلم أر مثل ذاك اليوم يوماً ولم أر مثله حقّاً أضيعا فانتبه الرجل مذعوراً. وقال السيد الحميري:
يا بائع الدين بدنياه ليس بهذا أمر اللّه من أين أبغضت عليّا الرضا وأحمد قد كان يرضاه من الذي أحمد من بينهم يوم غدير الخم ناداه أقامه من بين أصحابه وهم حواليه فسمّاه هذا علي بن أبي طالب مولى لمن قد كنت مولاه فوال من والاه يا ذا العلا وعاد من قد كان عاداه تذكرة الخواص: 20 وط. الحديثة: 28 - 34. راجع: الغدير: 372/1 (653)، شرح إحقاق الحق: 12/21. في نفحات الأزهار: هذا كلام سبط ابن الجوزي ، وقد وفي الحق حقه وأيده بأشعار الكميت وقيس بن سعد والحميري وغيرهم ، فما ذا بعد الحق إلا الضلال. نفحات الأزهار: 196/9.
قال الأميني: ونصّ ابن طلحة الشافعي في مطالب السئول ص 16 على ذهاب طايفة إلى حمل اللفظ في الحديث على الأولى. الغدير: 372/1 (653).
القرينة الثانية: قوله(ص) "اللهمّ وال من والاه" وحديث "لو تؤمّروا علياً" ذيل الحديث وهو قوله صلى اللّه عليه وآله : أللهم وال من والاه، وعاد من عاداه. في جملة من طرقه بزيادة قوله : وانصر من نصره، واخذل من خذله. أو ما يؤدي مؤداه.
وهذه العبارة لا تلتأم إلا مع معنى الأولويّة الملازمة للإمامة بوجوه:
أحدها: أنه صلى اللّه عليه وآله كان يعلم بطبع الحال أن تماميّة أمر الخلافة والإمامة بتوفّر الأعوان وطاعة العمّال مع علمه بأنّ في الملأ من يحسده ويحقده، وفي زمر المنافقين من يضمر له العداء لأوتار جاهليّة، وقد كما ورد في الكتاب العزيز قوله : أم يحسدون الناس على ما آتاهم اللّه من فضله. أخرج ابن المغازلي في المناقب: 267 ح314، وابن أبي الحديد في شرحه: 220/7 خطبة 208، والحضرمي الشافعي في الرشفة ص 27 : إنّها نزلت في علي وما خص به من العلم. أخبر صلى اللّه عليه وآله مجمل الحال بقوله: "إن تؤمّروا عليّاً ولا أراكم فاعلين تجدوه هادياً مهديّاً&quot.
كما أخرج أحمد في مسنده عن جعفر يعنى الفراء عن اسرائيل عن ابى اسحق عن زيد بن يثيع عن على رضى اللّه عنه قال قيل يارسول اللّه من يؤمّر بعدك قال ان تؤمروا أبا بكر رضى اللّه عنه تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة وان تؤمروا عمر رضى اللّه عنه تجدوه قويا أمينا لا يخاف في اللّه لومة لائم وإن تؤمروا عليا رضى اللّه عنه ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم. مسند أحمد بن حنبل: 109/1، (175/1 ح861) تاريخ مدينة دمشق: 421/42، وأسد الغابة: 31/4، والإصابة: 468/4، والبداية والنهاية لابن كثير: 397/7، كنز العمال: 799/5، و630/11، عن حم ، حل - عن علي، وحلية الأولياء: 64/1 رقم 4،
وفى رواية ابن حبان: "وإن تؤمّروا عليّاً ولا أظنّكم فاعلين تجدوه هادياً مهديّاً يسلك بكم الطريق&quot. كتاب المجروحين: 210/2. وهكذا نقله الذهبي والحاكم الحسكاني ميزان الاعتدال: 363/3. شواهد التنزيل: 82/1. وفي كنز العمال عن فضايل الصحابة لأبي نعيم: "إن تستخلفوا عليّا وما أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا يحملكم على المحجّة البيضاء&quot. كنز العمال: 160/6 (630/11 ح33072) حلية الألياء: 64/1 رقم 4، وفي فرائد السمطين: 266/1 ح 207، الكفاية ص 67 (163).
وفي حديث أبي نعيم في الحلية: عن حذيفة قال : قالوا : يا رسول اللّه ألا تستخلف عليا ؟ قال : "إن تولّوا عليّاً تجدوه هادياً مهديّاً يسلك بكم الطريق المستقيم&quot. نقله في كفاية الطالب وقال: هذا حديث حسن عال. حلية الأولياء: 64/1 رقم 4، ومناقب أمير المؤمنين (ع) لمحمد بن سليمان الكوفي: 448/1. كفاية الطالب ص 163.
وفى رواية الحاكم النيسابوري: "وان وليتموها عليا فهاد مهتد يقيمكم على صراط مستقيم&quot. هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولميخرجاه. المستدرك: 142/3.
ولهذا يدعو(ص) لمن والاه ونصره، وعلى من عاداه وخذله، ليعلم الناس أن موالاته مجلبة لموالاة اللّه سبحانه، وأن عداؤه مدعاة لغضب اللّه، ومثل هذا الدعاء بلفظ العامّ لا يكون إلّا فيما كان المدعو له دعامة الدين، وإمام الأمّة.
ثانيها: إن هذا الدعاء بعمومه الأفرادي بالموصول، والأزماني، والأحوالي بحذف المتعلق وعدم الاستثناء، تدل على عصمة الإمام عليه السلام لإفادته وجوب موالاته ونصرته والانحياز عن العداء له وخذلانه على كل أحد في كلّ حين وعلى كلّ حال. لأنّه لا تصدر منه معصية، ولا يقول إلا الحق، ولا يعمل إلا به لأنه لو صدر منه شئ من المعصية لوجب الانكار عليه، لعمله المنكر، وصاحب هذه الصفة يجب أن يكون إماما لقبح أن يأمه من هو دونه، وإذا كان إماما فهو أولى الناس منهم بأنفسهم.
القرينة الثالثة: وقوع الولاية في سياق الشهادة بالتوحيد والرسالة
قوله صلى اللّه عليه وآله، يا أيها الناس ؟ بم تشهدون ؟ قالوا : نشهد أن لا إله إلا اللّه، قال : ثم مه ؟ قالوا : وأن محمدا عبده ورسوله، قال : فمن وليكم ؟ قالوا : اللّه ورسوله مولانا .
ثم ضرب بيده إلى عضد علي فأقامه فقال : من يكن اللّه ورسوله مولاه فإن هذا مولا.
فوقوع الولاية في سياق الشهادة بالتوحيد والرسالة وسردها وعقيب المولوية المطلقة للّه سبحانه ولرسوله من بعده لا يمكن إلا أن يراد بها معنى الإمامة الملازمة للأولوية على الناس منهم بأنفسهم.
القرينة الرابعة: قوله(ص) عقيب الحديث: "اللّه أكبر على إكمال الدين" قوله صلى اللّه عليه وآله بعد بيان الولاية في لفظ أبي سعيد وجابر "اللّه أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، الغدير: 1/ 43 (104) و 232 (450)، و 233 (452)، و234 (453)، و237 (457). ورضى الرب برسالتي، والولاية لعلي بن بعدي.
كما أخرجه الترمذي، وأحمد، والحاكم، والنسائي، وابن أبي شيبة والطبري، وكثيرون آخرون من الحفاظ بطرق صحيحة: قوله صلى اللّه عليه وآله "إنّ عليّاً منّي وأنا منه، وهو وليّ كل مؤمن بعدي، وفي آخر : هو وليكم سنن الترمذي: 590/5 ح3712،مسند احمد: 6/489 ح22503،المستدرك على الصحيحين:3/144 ح4652،السنن الكبرى:5/45 ح8146 كتاب المناقب، وفي خصائص امير المؤمنين(ع): ص109 ح89، مصنف ابن ابي شيبة: 12/79 ح12170. بعدي. وما أخرجه أبو نعيم في حلية الأولياء 1 ص 86 وآخرون بإسناد صحيح من قوله صلى اللّه عليه وآله : من المستدرك على الصحيحين: 3/139 ح4642. سره أن يحيى حياتي، ويموت مماتي، ويسكن جنة عدن غرسها ربي، فليوال عليا من بعدي، وليقتد بالأئمة من بعدي، فإنهم عترتي خلقوا من طينتي.
فأيّ معنى يكمل به الدين، ويتم النعمة، ويرضي الرب في عداد الرسالة غير الإمامة التي بها تمام أمرها وكمال نشرها.
القرينة الخامسة: الإخبار بقرب موته بقوله: "كأنّي دعيت فأجبت" قوله صلى اللّه عليه وآله قبل بيان الولاية : "كأنّي دعيت فأجبت&quot. أو : "أنه يوشك أن أدعى فأجيب&quot.
وهو يعطينا علما بأنه صلى اللّه عليه وآله كان قد بقي من تبليغه مهمة يحاذر أن يدركه الأجل قبل الإشادة بها، ولم يذكر صلى اللّه عليه وآله بعد هذا الاهتمام إلا ولاية أمير المؤمنين،وليست تلك المهمة المنطبقة على هذه الولاية إلا معنى الإمامة المصرح بها في غير واحد من الصحاح ؟ و ليس صاحبها إلا أولى الناس بأنفسهم ؟
القرينة السادسة: أمره بالتهنئة للرسالة والولاية قوله صلى اللّه عليه وآله بعد بيان الولاية لعلي عليه السلام : "هنئوني هنئوني" كما في رواية أبي سعيد الخركوشي النيسابوري المتوفى 407 في شرف المصطفى بإسناده عن أبي سعيد الخدري ثم قال النبي صلى اللّه عليه وسلم هنئوني هنئوني إن اللّه تعالى خصني بالنبوة وخص أهل بيتي بالإمامة فلقي عمر بن الخطاب أمير المؤمنين فقال : طوبى لك يا أبا الحسن أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة .
وفى رواية مردويه الاصبهاني المتوفى 416 في تفسيره عن أبي سعيد الخدري وفيه : فلقي عليا عليه السلام عمر بن الخطاب بعد ذلك فقال : هنيئا لك يا بن أبي طالب ؟ أصبحت وأمسيت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
وفى رواية الثعلبي المتوفى 427 في تفسيره: ... فلقيه عمر فقال : هنيئا لك يا بن أبي طالب ؟ أصبحت مولى كل مؤمن ومؤمنة. الغدير: 274/1 (513).
قد ذكر العلّامة الأميني قضيّة تهنئة الشيخين عن 60 مصدراً من مصادر أهل السنّة بمسانيد صحاح الغدير: 283-272/1، (527-510). برجال ثقات تنتهي إلى غير واحد من الصحابة.
كما روى الطبري محمد بن جرير في كتاب ( الولاية ) بإسناده عن زيد ابن أرقم عن رسول اللّه(ص) أنّه قال:
وسلّموا على عليّ بإمرة المؤمنين، وقولوا : الحمد للّه الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا اللّه، فإن اللّه يعلم كل صوت وخائنة كل نفس فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه اللّه فسيؤتيه أجرا عظيما، قولوا ما يرضي اللّه عنكم فإن تكفروا فإن اللّه غني عنكم .
قال زيد بن أرقم : فعند ذلك بادر الناس بقولهم : نعم سمعنا وأطعنا على أمر اللّه و رسوله بقلوبنا، وكان أوّل من صافق النبي صلى اللّه عليه وآله وعليا : أبو بكر وعمر وعثمان وطلحة والزبير وباقي المهاجرين والأنصار وباقي الناس إلى أن صلى الظهرين في وقت واحد وامتد ذلك إلى أن صلى العشائين في وقت واحد وأوصلوا البيعة والمصافقة ثلاثا.
ورواه أحمد بن محمد الطبري الشهير بالخليلي في كتاب (مناقب علي بن أبي طالب ) المؤلّف سنة 411 بالقاهرة، وقال المولوي ولي اللّه اللكهنوي في مرآت المؤمنين:41... و كان يهنأ أمير المؤمنين كل صحابي لاقاه .
وقال المؤرخ ابن خاوند شاه المتوفى 903 في "روضة الصفا:541/2" ثم جلس رسول اللّه في خيمة تخص به وأمر أمير المؤمنين عليا عليه السلام أن يجلس في خيمة أخرى وأمر إطباق الناس بأن يهنئوا عليا في خيمته، ولما فرغ الناس عن التهنئة له أمر رسول اللّه أمهات المؤمنين بأن يسرن إليه ويهنئنه ففعلن. راجع الغدير: 270/1 (508).
فصريح العبارة هو الإمامة المخصوصة بأهل بيته الذين سيدهم والمقدم فيهم هو أمير المؤمنين عليه السلام وكان هو المراد في الوقت الحاضر .
القرينة السابعة: قوله(ص) "فليبلّغ الشاهد الغايب&quot.
قوله صلى اللّه عليه وآله بعد بيان الولاية : فليبلّغ الشاهد الغايب. راجع: الغدير: 33/1 (83) عن مطالب السئول: 16 نقلا عن الترمذي مجمع الزوائد ج 9 ص 104 وص 163 مسند أحمد: 501/5 ح 18838، المعجم الكبير للطبراني: 166/5 ح 4971. والغدير: 160/1 (327) في قضيّة مناشدة أمير المؤمنين(ع) يوم الشورى عن المناقب ص 217 (313 ح314 فرائد السمطين: 319/1 ح251، الدرّ النظيم: 116/1 لابن حاتم الشامي والغدير: 199/1 (400) في قضيّة مناشدة الإمام الحسن 7 عن كتاب سليم بن قيس: 788/2 ح26.
وتلك المهمة التي تؤكد في تبليغ الغائبين لا تساوق إلا معنى الأولى من معاني المولى دون المحبة والنصرة.
القرينة الثامنة نزول العذاب على الحارث بن النعمان أخرج الثعلبى فى تفسيره (الكشف والبيان) بسندين معتبرين انّ رسول اللّه(ص) لما كان بغدير خم نادى الناس فاجتمعوا فأخذ بيد على فقال: من كنت مولاه فعلى مولاه . فشاع ذلك وطار فى البلاد فبلغ ذلك الحارث بن النعمان الفهرى فأتى رسول اللّه(ص) ناقرة له، حتّى أتى الأبطح، فنزل عن ناقته فأناخها . فقال: يا محمد ؟ أمرتنا عن اللّه أن نشهد أن لااله الّا اللّه وأنّك رسول اللّه فقبلناه، وأمرتنا أن نصلّى خمساً فقبلناه منك، وأمرتنا بالزكاة فقبلنا وامرتنا ان نصوم شهرا فقبلنا، وأمرتنا بالحجّ فقبلنا ثمّ لم ترض بهذا حتّى رفعت بضبعى ابن عمّك ففضّلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلىّ مولاه. فهذا شى منك أم من اللّه عز وجل؟ فقال: والّذى لا اله الّا هو، انّ هذا من اللّه . فولّى الحارث بن النعمان يريد راحلته وهو يقول: الّلهم ؟ ان كان ما يقول محمد حقّاً فأمطر علينا حجارة من السماء أو اتنا بعذاب أليم . فما وصل اليها حتّى رماه اللّه تعالى بحجر فسقط على هامّته وخرج من دُبُره وقتله، وأنزل اللّه عزوجل: (سأل سائل بعذاب واقع للكافرين ليس له دافع). السيرة الحلبيّة لعليّ بن برهان الدين الحلبي الشافعي ج 275/3 ط البهية بمصر سنة 1320 ه، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكى ص 25، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزى الحنفى ص 30، تفسير أبي السعود بهامش تفسير الرازى ج/8 292 ط دار الطباعة العامرة بمصر، تفسير القرطبى ج 278/18، شواهد التنزيل للحاكم الحسكانى الحنفى ج 286/2 حديث: 10311030 و1033 و1034، فرائد السمطين للحموينى ج 82/1 . نظم درر السمظين للزرندى الحنفى ص 93، نور الابصار للشبلنجى ص 71 ط السعيدية وص 71 ط العثمانية بمصر، ينابيع المودة للقندوزى الحنفى ص 328 ط الحيدرية وص 274 ط اسلامبول، وراجع: الغدير ج 239/1 - 267 تعليقات المراجعات209.
القرينة التاسعة: اصابة دعوة أمير المؤمنين(ع) لمن كتم حديث الغدير ثبت أنّ عدّة من الذين سمعوا الحديث عن النبي(ص) قد كتموا حين ناشدهم على بن أبي طالب(ع) ودعا عليهم وأصاب ذلك الدعوة.
1 - كأنس بن مالك. كان بوجهه برص ذكر قوم أنّ علياً رضى اللّه عنه سأله عن قول رسول اللّه(ص) أللهمّ وال من والاه وعاد من عاداه. فقال: كبرت سنّى ونسيت. فقال على: ان كنت كاذباً فضربك اللّه بيضاء لا تواريها العمامة. المعارف لابن قتيبة ص 194 و391، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 362/1 وج 388/4 بمصر قديم وج 74/4 وج 217/19 ط مصر بتحقيق محمد ابوالفضل برقم 317 فيه: روى عثمان بن مطرف انّ رجلاً سأل أنس بن مالك فى آخر عمره عن على بن أبي طالب؟ فقال انّى آليت أن لا أكتم حديثاً سألت عنه فى علىّ بعد يوم الرحبة ذاك رأس المتّقين يوم القيامة سمعته واللّه من نبيّكم، عبقات الأنوار (حديث الثقلين) ج 309/2.
2 - البراء بن عازب. فقد عمى لمّا كتم حديث الغدير. احقاق الحق ج 6 عن: أرجح المطالب لعبيد اللّه الامر تسرى الشافعى ص 580 ط لاهور، الأربعين حديثاً للهروى مخطوط، أنساب الاشراف للبلاذرى ج 1 كما فى البحار ج 37 ص 197 ط جديد، عبقات الانوار (حديث الثقلين) ج 312/2 والغدير: 193/1، الطبعة الحديثة: 389/1.
3 - زيدن بن أرقم: كتم الحديث فأصابه العمى. مناقب على بن أبي طالب لابن المغازلى الشافعى ص 23 ح 33 ط 1 طهران، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 362 ط 1 بمصر وج 4 ص 74 ط مصر بتحقيق محمد ابوالفضل، السيرة الحلبية ج 337/3، عبقات الانوار (حديث الثقلين) ج 312/2.
4 - جرير بن عبد اللّه البجلى: رجع اعرابيّاً بعد أن دعى عليه أميرالمؤمنين عليه السلام. انساب الاشراف للبلاذرى ج 156/2، عبقات الانوار (حديث الثقلين) ج 313/2.
وذكر الامينى ممّن كتم الحديث فأصابه دعوة أمير المؤمنين(ع): عبد الرحمن بن مدلج ويزيد بن وديعة.
القرينة العاشرة: المناشدة بحديث الغدير
مناشدة أميرالمؤمنين(ع) فى الرُحْبَة برواية عبد الرحمن بن أبي ليلى:
قال: "شهدت عليّاً فى الرحبة ينشد الناس، فيقول: انشد اللّه من سمع رسول اللّه(ص) يقول: يوم غدير خم: من كنت مولاه فعلى مولاه، لمّا قام فشهد، (و لا يقم الّا من قدر رآه).
قال عبد الرحمن: فقام اثنا عشر بدريّاً كأنّى أنظر إلى أحدهم فقالوا: نشهد انّا سمعنا رسول اللّه(ص)، يقول يوم غدير خم: ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأزواجى امّهاتم؟ فقلنا: بلى يا رسول اللّه. قال: فمن كنت مولاه فعلىّ مولاه، الّلهم وال من والاه وعاد من عاداه&quot. إلى أن قال فقام الّا ثلاثة لم يقوموا فدعا على فأصابتهم دعوته. مسند احمد بن حنبل ج 1 ص 119 ط الميمنية بمصر وج 199/2 ح 961 بسند صحيح ط دار المعارف بمصر، ترجمة الإمام على بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر الشافعى ج 11/2 ح 506، كنز العمال ج 151/15 ح 430 ط 2، وقريب منه فى: فرائد السمطين ج 69/1.
وهذه المناشدة برواية أبي الطفيل. راجع: مسند احمد بن حنبل، ج4 ص370، بسند صحيح ط الميمنية بمصر، تاريخ دمشق ترجمة الإمام علىّ بن ابيطالب(ع) لابن عساكر الشافعى ج2، ص7، ح503، مجمع الزوائد للهيثمى الشافعى ج9، ص104، وصحّحه، كفاية الطالب للكنجى الشافعى ص 56 ط الحيدرية وص 14 ط الغرى، خصائص النسائى الشافعى ص 100 ط الحيدرية وص 40 ط بيروت، الغدير عن الرياض النضرة ج2 ص 169، والبدخشى فى نزل الابرار ص 20، البداية والنهاية لابن كثير الشافعى ج 5 ص 211. راجع: تعليقة المراجعات: 185. فقد روى الامينى هذه المناشدة عن أربع أصحاب وأربعة عشراً تابعيّاً. الغديرج1، 166.
احتجاج فاطمة الزهراء (س) بنت رسول اللّه(ص)بحديث الغدير:
قالت: أنسيتم قول رسول اللّه(ص) يوم غدير خمّ من كنت مولاه فعلىّ مولاه وقوله(ص) أنت منّى بمنزلة هارون من موسى8. الضوء اللامع للسخاوى ج 9 ص256 والبدر الطالع للشوكانى ج 2 ص297 أسنى المطالب فى مناقب علىّ بن أبي طالب كما فى الغدير: 197/1.
فقد ذكر العلامة الامينى مناشدة أمير المومنين(ع) بحديث الغدير: 1 - يوم الشورى. 2 - مناشدته ايّام عثمان. 3 - مناشدته يوم الرحبة فى الكوفة. 4 - مناشدته يوم الجمل. 5 - حديث الركبان فى الكوفة. 6- مناشدته يوم صفّين . 7 - احتجاج فاطمة الزهراء بنت رسول اللّه(ص) بحديث الغدير. 8 - احتجاج الإمام الحسن (ع). 9 - مناشدة الإمام الحسين عليه السلام. 10 - احتجاج عبداللّه بن جعفر، بحديث الغدير على معاوية. 11 - احتجاج برد، على عمرو بن العاص بحديث الغدير. 12 - احتجاج عمرو بن العاص، بحديث الغدير على معاوية.13 - احتجاج عمّار بن ياسر، يوم صفّين.14 - احتجاج الاصبغ بن نباتة، فى مجلس معاوية. 15 - مناشدة شابّ، أبا هريرة بحديث الغدير فى الكوفة. 16 - مناشدة رجل، زيد بن أرقم بحديث الغدير. 17 - مناشدة رجل عراقى، جابر بن عبداللّه الأنصارى . 18 - احتجاج قيس بن عبادة بحديث الغدير على معاوية. 19 - احتجاج دارمية الحجونيّة، على معاوية. 20 - احتجاج عمرو الاودى، على مناوئى أمير المومنين عليه السلام.21 - احتجاج عمر بن عبدالعزيز. 22- احتجاج المأمون على الفقهاء بحديث الغدير. راجع الغدير، ج 1 ص 159 و212 .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق